للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَفِي الْحَدِيثِ الأَمْرُ بِالاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ، وَتَرْكُ الْحَمْلِ عَلَى النَّفْسِ بِمَا يَئُودُهَا، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَتَعَبَّدْ خَلْقَهُ، بِأَنْ يَنْصَبُوا آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَلا يَسْتَرِيحُوا، بَلْ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ وَظَائِفَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، فَلِيَخْلِطُوا طَرَفَ اللَّيْلِ بِطَرَفِ النَّهَارِ، وَلِيُجِمُّوا فِيمَا بَيْنَهُمَا أَنْفُسَهُمْ.

وَفِي بَعْضِ الْمَرَاسِيلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، يَرْفَعُهُ: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، وَلا تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللَّهِ، فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلا ظَهْرًا أَبْقَى».

وَيُرْوَى هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَزَادَ «وَاعْمَلْ عَمَلَ امْرِئٍ يَظُنُّ أَنْ لَا يَمُوتَ إِلا هَرِمًا، وَاحْذَرْ حَذَرَ امْرِئٍ يَخْشَى أَنْ يَمُوتَ غَدًا».

قَوْلُهُ: «فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ» فَالإِيغَالُ: السَّيْرُ الشَّدِيدُ، وَالإِمْعَانُ فِيهِ، وَالْوُغُولُ: الدُّخُولُ فِي الشَّيْءِ، وَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ فِيهِ، وَيُقَالُ لِلطُّفَيْلِيِّ: وَاغِلٌ.

وَالْمُنْبَتُّ: الَّذِي انْقَطَعَ فِي سَفَرِهِ، وَعَطِبَتْ رَاحِلَتُهُ، فَشَبَّهَ الْمُجْتَهِدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>