للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: فِي اعْتِكَافِهِ فِي شَوَّالٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّوَافِلَ الْمُعْتَادَةَ إِذَا فَاتَتْ تُقْضَى، كَالْفَرَائِضِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ مِنَ اعْتِكَافِ التَّطَوُّعِ، هَلْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ؟ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَاهُ فِي شَوَّالٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، إِلا أَنْ يَشَاءَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: كُلُّ عَمَلٍ لَكَ أَنْ لَا تَدْخُلَ فِيهِ، فَإِذَا خَرَجْتَ مِنْهُ، لَا قَضَاءَ عَلَيْكَ إِلا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ.

وَفِي اعْتِكَافِهِ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الاعْتِكَافِ، لأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ غَيْرُ قَابِلٍ لِلصَّوْمِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ.

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا اعْتِكَافَ إِلا بِصَوْمٍ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

١٨٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى، نَا بُنْدَارٌ، نَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنْسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمضَانَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ عَامًا، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ، اعْتَكَفَ عِشْرِينَ».

<<  <  ج: ص:  >  >>