للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ إِذَا أَوْصَى بِهِ، وَإذَا أَوْصَى يُقْضَى مِنَ الثُّلُثِ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَيُرْوَى عَنِ النَّخَعِيِّ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزَّمِنَ يَلْزَمُهُ فَرْضُ الْحَجِّ.

لأَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا.

تُرِيدُ أَسْلَمَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: إِذَا كَانَ لِلزَّمِنِ مَالٌ يَسْتَأْجِرُ بِهِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَبَذَلَ لَهُ بَعْضُ أَوْلادُهُ الطَّاعَةَ لِلْحَجِّ عَنْهُ، لَزِمَهُ فَرْضُ الْحَجِّ؛ لأَنَّ الْمَرْأَةَ أَخْبَرَتْ بِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى أَبِيهَا، وَوُجُوبُهُ يَكُونُ بِأَحَدِ الأُمُورِ الثَّلاثَةِ إِمَّا بِالْمَالِ، أَوْ بِقُوَّةِ الْبَدَنِ، أَوْ بِبَذْلِ طَاعَةٍ مِنْ ذِي قُوَّةٍ، فَعَجْزُهُ بِالْبَدَنِ كَانَ ظَاهِرًا، وَلَمْ يَجْرِ لِلْمَالِ ذِكْرٌ، إِنَّمَا جَرَى ذِكْرُ طَاعَتِهَا، وبَذْلُهَا نَفْسَهَا، دَلَّ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ تَعَلَّقَ بِهَا، وَحَصَلَ بِهَا الاسْتِطَاعَةُ كَمَا يُقَالُ فِي عُرْفِ اللِّسَانِ: فُلانٌ مُسْتَطِيعٌ لأَنْ يَبْنِيَ دَارَهُ إِذَا كَانَ يَجِدُ مَنْ يُطِيعُهُ فِي بِنَائِهَا، أَوْ يَقْدِرُ عَلَى مَالٍ يُنْفَقُ فِيهِ، كَمَا لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى الزَّمِنِ ابْتِدَاءً، وَعِنْدَ مَالِكٍ إِذَا زَمِنَ بَعْدَ الْوُجُوبِ يَسْقُطُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَسْقُطُ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْوُجُوبِ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَجَّ الْمَرْأَةِ عَنِ الرَّجُلِ يَجُوزُ، وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لأَنَّ الْمَرْأَةَ تَلْبَسُ فِي الإِحْرَامِ مَا لَا يَلْبَسُهُ الرَّجُلُ، فَلا يَحُجُّ عَنْهُ إِلا رَجُلٌ مِثْلُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>