للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقِيلَ: إِنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى النَّاسِ ثَلاثَةُ أَصْنَافٍ: مُذَكِّرٌ، وَوَاعِظٌ، وَقَاصٌّ، فَالْمُذَكِّرُ: الَّذِي يُذَكِّرُ النَّاسَ آلاءَ اللَّهِ وَنَعْمَاءَهُ، يَبْعَثُهُمْ بِهِ عَلَى الشُّكْرِ لَهُ.

وَالْوَاعِظُ: يُخَوِّفُهُمْ بِاللَّهِ، وَيُنْذِرُهُمْ عُقُوبَتَهُ، وَيَرْدَعُهُمْ عَنِ الْمَعَاصِي.

وَالْقَاصُّ: هُوَ الَّذِي يَرْوِي أَخْبَارَ الْمَاضِينَ، وَيُسْرِدُ عَلَيْهِمُ الْقَصَصَ، فَلا يُؤْمَنُ فِيهَا الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ، وَالْوَاعِظُ وَالْمُذَكِّرُ مَأْمُونٌ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ قَاصٌّ، فَجَلَسَ قَرِيبًا مِنَ ابْنِ عُمَرَ يَقُصُّ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ أَنْ لَا تُؤْذِنَا، قُمْ عَنَّا، فَأَبَى، فَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبِ الشُّرَطِ، فَبَعَثَ شُرَطِيًّا فَأَقَامَهُ.

وَقَالَ ثَابِتٌ لِحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَا تَقُولُ فِي الْجُلُوسِ إِلَى الْقَاصِّ؟ قَالَ: اجْلِسْ حَيْثُ تَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَقُّ لِقَلْبِكَ، قَالَ: وَكَانَ حُمَيْدٌ لَا يَجْلِسُ إِلَيْهِمْ.

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: أَدْرَكْتُ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا مِنْهُمْ مُحَدِّثٌ إِلا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْحَدِيثَ، وَلا مُفْتٍ إِلا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْفُتْيَا.

وَقَالَ أَبُو الْحُصَيْنِ: إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُفْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ لَوْ وَرَدَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، لَجَمَعَ لَهَا أَهْلَ بَدْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>