للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحُرِّ الْبَالِغِ، وَلَوْ جَازَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لَمَنَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَيْعِ حِينَ عَلِمَ ضَعْفَ عَقْلِهِ وَكَثْرَةَ غُبْنِهِ.

وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْحُرَّ الْبَالِغَ إِذَا كَانَ مُفْسِدًا لِمَالِهِ سَفِيهًا، يُحْجَرُ عَلَيْهِ.

وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ، وَالزُّبَيْرِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.

حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ كَانَ فَاسِقًا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُفْسِدٍ لِمَالِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيث عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَهْلَ هَذَا الرَّجُلِ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ احْجُرْ عَلَيْهِ.

فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنِ الْبَيْعِ.

قَالَ: «إذَا بَايَعْتَ، فَقُلْ لَا خِلابَةَ».

وَقِيلَ: كَانَ اسْمُ ذَلِكَ الرَّجُلِ حَبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ.

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَفِي جَوَازِ رَدِّ الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ.

فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ خَاصٌّ فِي أَمْرِ حَبَّانَ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ شَرْطًا فِي بُيُوعِهِ، لِيَكُونَ لَهُ الرَّدُّ إِذَا تَبَيَّنَ الْغَبْنُ فِي صَفْقَتِهِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْخَبَرُ عَامٌّ فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ، إِذَا ذَكَرَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي الْبَيْعِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ إِذَا ظَهَرَ الْغَبْنُ فِي بَيْعِهِ.

وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَكَانَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ مَنْ بَاعَ أَوِ اشْتَرَى عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ.

وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ إِذَا صَدَرَ عَنْ غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، فَلا رَدَّ لَهُ بِالْغَبْنِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرِي ذَا بَصِيرَةٍ، فَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>