للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالطَّعَامُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الطُّعْمِ، وَكُلُّ حُكْمٍ عُلِّقَ بِاسْمٍ مُشْتَقٍّ مِنْ مَعْنًى يَكُونُ ذَلِكَ الْمَعْنَى عِلَّةً فِيهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النُّور: ٢] وَقَالَ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [الْمَائِدَة: ٣٨] وَالزَّانِي وَالسَّارِقُ، اسْمَانِ مُشْتَقَّانِ مِنَ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، فَلَمَّا عَلَّقَ وُجُوبَ الْجَلْدِ وَالْقَطْعِ بِاسْمِ الزَّانِي وَالسَّارِقِ، كَانَ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ عِلَّةً فِي وُجُوبِهِمَا، وَلأَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا ضَمَّ الْمِلْحَ، الَّذِي هُوَ أَدْنَى مَا يُطْعَمُ، إِلَى الْبُرِّ، الَّذِي هُوَ أَعْلى الْمَطْعُومَاتِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا بَيْنَ النَّوْعَيْنِ مِنَ الْمَطْعُومَاتِ لاحِقٌ بِهِمَا.

أَمَّا حُكْمُ الرِّبَا: هُوَ أَنَّهُ إِذَا بَاعَ مَالَ الرِّبَا بِجِنْسِهِ، فَلا يَجُوزُ إِلا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ، فَإِنْ كَانَ مَوْزُونًا مِثْلَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، يُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ فِي الْوَزْنِ، وَالتَّفَاوُتُ فِي الْكَيْلِ لَا يَمْنَعُ الْعَقْدَ.

وَإِنْ كَانَ مَكِيلا مِثْلَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَنَحْوِهِمَا، فَتُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ فِي الْكَيْلِ، حَتَّى لَوْ بَاعَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ بِجِنْسِهِ كَيْلا، أَوْ شَيْئًا مِنَ الْمَوْزُونَاتِ الْمَطْعُومَةِ بِجِنْسِهِ كَيْلا، أَوْ بَاعَ الْحِنْطَةَ بِالْحِنْطَةِ، أَوْ شَيْئًا مِنَ الْمَكِيلاتِ الْمَطْعُومَةِ بِجِنْسِهِ وَزْنًا، لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ بَاعَ مُجَازَفَةً.

وَكَمَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُسَاوَاةُ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ، حَتَّى لَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ، يَفْسَدُ الْعَقْدُ.

وَإِذَا بَاعَ مَالَ الرِّبَا بِغَيْرِ جِنْسِهِ، نَظَرَ إِنْ بَاعَ بِمَا لَا يُوَافِقُهُ فِي وَصْفِ الرِّبَا، مِثْلُ أَنْ بَاعَ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، فَلا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُسَاوَاةُ وَلا التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، كَمَا لَوْ بَاعَ بِغَيْرِ مَالِ الرِّبَا، وَإِنْ بَاعَهُ بِمَا يُوَافِقُهُ فِي الْوَصْفِ مِثْلُ أَنْ بَاعَ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ، أَوْ بَاعَ الْحِنْطَةَ بِالشَّعِيرِ، أَوْ مَطْعُومًا بِمَطْعُومٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَيَجُوزُ مُتَفَاضِلا وَجُزَافًا، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ.

قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «إِلا سَوَاءً بِسَوَاءٍ» فِيهِ إِيجَابُ الْمُمَاثَلَةِ، وَتَحْرِيمُ الْفَضْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>