للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّشْبِيهُ.

وَالسُّلْتُ: حَبٌّ لَا قِشْرَ عَلَيْهِ.

وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟» سُؤَالُ تَقْرِيرٍ لِيُنَبِّهَهُمْ بِهِ عَلَى عِلّة الْحُكْمِ، لَا سُؤَالُ اسْتِفْهَامٍ، لأَنَّ انْتِقَاصَ الرُّطَبِ بِالْجَفَافِ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنَ الْمَطْعُومِ بِجِنْسِهِ، وَأَحَدُهُمَا رُطَبٌ وَالآخَرُ يَابِسٌ، مِثْلُ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَبَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ، وَاللَّحْمِ الرُّطَبِ بِالْقَدِيدِ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَحْدَهُ.

وَأَمَّا بَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ، وَبَيْعُ الْعِنَبِ بِالْعِنَبِ، فَلَمْ يُجَوِّزْهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟» فَاعْتَبَرَ التَّفَاوُتَ الَّذِي يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُتَعَقَّبِ عِنْدَ جَفَافِ الرُّطَبِ فِي مَنْعِ الْعَقْدِ، فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ، لأَنَّهُمَا فِي الْمُتَعَقَّبِ مَجْهُولا الْمِثْلِ تَمْرًا، وَجَوَّزَهُ الآخَرُونَ.

وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ، وَهُمَا رُطَبَانِ، فَإِنْ كَانَا قَدِيدَيْنِ يَجُوزُ، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبُ بِالزَّبِيبِ.

وَلا يَجُوزُ بَيْعُ مَطْعُومٍ مَطْبُوخٍ بِجِنْسِهِ مَطْبُوخًا وَلا نَيِّئًا، وَيَجُوزُ بَيْعُ التَّمْرِ الْحَدِيثِ بِالْعَتِيقِ، وَالْبُرِّ الْحَدِيثِ بِالْعَتِيقِ، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي الْحَدِيثِ نُدُوَّةٌ لَوْ زَالَتْ لَظَهَرَ النُّقْصَانُ فِي الْكَيْلِ، فَلا يَجُوزُ كَبَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ.

وَجَوَّزَ الشَّافِعِيُّ بَيْعَ عَصِيرِ الْعِنَبِ بِعَصِيرِ الْعِنَبِ، وَخَلِّهِ بِخَلِّهِ، فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْخَلَّيْنِ أَوْ فِيهِمَا مَاءٌ، لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ جَوَّزَ بَيْعَ اللَّبَنِ بِاللَّبَنِ، وَالدُّهْنِ بِالدُّهْنِ، مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْكَيْلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>