للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَوْضُوعًا عَلَى الأَرْضِ، وَالْمُحَاقَلَةُ: بَيْعُ الزَّرْعِ بَعْدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ بِجِنْسِهِ نَقِيًّا.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَا الْمُحَاقَلَةُ؟ قَالَ الْمُحَاقَلَةُ فِي الْحَرْثِ كَهَيْأَةِ الْمُزَابَنَةِ فِي النَّخْلِ سَوَاءً، وَهُوَ بَيْعُ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ.

فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَفَسَّرَ لَكُمْ جَابِرٌ الْمُحَاقَلَةَ كَمَا أَخْبَرْتَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ.

وَأَصْلُ الْمُزَابَنَةُ مِنَ الزَّبْنُ، وَهُوَ الدَّفْعُ، وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا وَقَفَ عَلَى غَبْنٍ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَرَادَ فَسْخَ الْعَقْدِ، وَأَرَادَ الْغَابِنُ إِمْضَاءَهُ، فَتَزَابَنَا، أَيْ: تَدَافَعْنَا، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدْفَعُ صَاحِبَهُ عَنْ حَقِّهِ، وَخَصَّ بَيْعَ الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِجِنْسِهِ بِهَذَا الاسْمِ، لأَنَّ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ، وَمَا عَلَى الشَّجَرِ لَا يُحْصَرُ بِكَيْلٍ وَلا وَزْنٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ تَقْدِيرُهُ بِالْخَرْصِ، وَهُوَ حَدَسٌ وَظَنٌّ، لَا يُؤْمَنُ فِيهِ مِنَ التَّفَاوُتِ.

فَأَمَّا إِذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ عَلَى الشَّجَرِ بِجِنْسٍ آخَرَ مِنَ الثِّمَارِ، عَلَى الأَرْضِ أَوْ عَلَى الشَّجَرِ، يَجُوزُ، لأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ شَرْطٍ، وَالتَّقَابُضُ شَرْطٌ فِي الْمَجْلِسِ، فَقَبْضُ مَا عَلَى الأَرْضِ بِالنَّقْلِ، وَقَبْضُ مَا عَلَى الشَّجَرِ بِالتَّخْلِيَةِ.

وَأَمَّا الْمُحَاقَلَةُ، فَأَصْلُهَا مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ الْقُرَاحُ وَالْمَزْرَعَةُ، وَيُقَالُ لِلأَقْرِحَةِ: مَحَاقِلُ وَمَزَارِعُ، وَفِي الْمَثَلِ «لَا يُنْبِتُ البَقْلَةَ إِلا الْحَقْلَةُ».

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ» أَيْ: بِمَزَارِعِكُمْ، فَهَذَا بَيْعُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَحَاقِلِ، فَسُمِّيَ بِاسْمِهَا.

وَالْحَقْلُ: هُوَ الزَّرْعُ الأَخْضَرُ أَيْضًا.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ» قَالَ: وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاؤُهُ الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ، وَالْمُحَاقَلَةُ: كِرَاءُ الأَرْضِ بِالطَّعَامِ.

وَلَمْ يُجَوِّزْ مَالِكٌ اكْتِرَاءَ الأَرْضِ بِالطَّعَامِ، وَجَوَّزَ الآخَرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>