للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ.

قَالَ الإِمَامُ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ بَيْعَ الثَّمَرَةِ عَلَى الشَّجَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ مُطْلَقًا لَا يَجُوزُ.

وَيُرْوَى فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، لأَنَّهَا لَا يُؤْمَنُ مِنْ هَلاكِهَا بِوُرُودِ الْعَاهَةِ عَلَيْهَا لِصِغَرِهَا وَضَعْفِهَا، وَإِذَا تَلِفَتْ لَا يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي بِمُقَابَلَةِ مَا دَفَعَ مِنَ الثَّمَنِ شَيْءٌ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتَ إذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، فَبِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟» نَهَى الْبَائِعَ عَنْهُ، لِئَلا يَكُونَ آخِذًا مَالَ الْمُشْتَرِي إِلا بِمُقَابَلَةِ شَيْءٍ يُسَلَّمُ لَهُ، وَنَهَى الْمُشْتَرِيَ مِنْ أَجْلِ الْمُخَاطَرَةِ وَالتَّغْرِيرِ بِمَالِهِ، فَأَمَّا إِذَا بَاعَ وَشَرَطَ الْقَطْعَ عَلَيْهِ، يَصِحُّ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لأَنَّهُ يَأْمَنُ بِالْقَطْعِ مِنَ الْهَلاكِ بِالآفَةِ وَالْعَاهَةِ.

وَأَمَّا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلاحِ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا مُطْلَقًا، لأَنَّهَا تَأْمَنُ مِنَ الْعَاهَةِ بَعْدَهُ فِي الْغَالِبِ لِكِبَرِهَا وَغِلَظِ نَوَاتِهَا، ثُمَّ تَبْقَى إِلَى أَوَانِ الْجِدَادِ.

وَبُدُوِّ الصَّلاحِ فِي الرُّطَبِ أَنْ يَصِيرَ بُسْرًا، وَهُوَ أَنْ يُرَى فِيهِ نُقَطُ الْحُمْرَةِ وَالسَّوَادِ.

وَفِي الْخَوْخِ، وَالْكُمَّثْرَى، وَالْمِشْمِشِ، وَالتُّفَّاحِ، بِأَنْ يَطِيبَ بِحَيْثُ يُسْتَطَاعُ أَكْلُهُ.

وَفِي الْبِطِّيخِ بِأَنْ يُرَى فِيهِ أَثَرُ النُّضْجِ.

وَفِي الْقِثَّاءِ، وَالْبَاذِنْجَانِ، بِأَنْ يَتَنَاهَى بِحَيْثُ يُجْتَنَى فِي الْغَالِبِ.

وَإِذَا بَاعَ ثَمَرَةَ حَائِطٍ بَدَا الصَّلاحُ فِي بَعْضِهِ، جَازَ بَيْعُ الْكُلِّ مُطْلَقًا إِذَا اتَّفَقَ الْجِنْسُ، فَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ، بِأَنْ كَانَ فِيهِ كَرْمٌ وَنَخِيلٌ، بَدَا الصَّلاحُ فِي ثَمَرِ النَّخِيلِ دُونَ الْكَرْمِ، يَجِبُ شَرْطُ الْقَطْعِ فِيمَا لَمْ يَبْدُ فِيهِ الصَّلاحُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>