للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفرْقَة اللَّعان فرقة فسخ عِنْد كثير من أهل الْعلم حَتَّى لَا تسْتَحقّ الْمَرْأَة نَفَقَة الْعدة، وَلَا السُّكْنَى، وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِيّ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: اللَّعان تطليفة بَائِنَة، وَلها السُّكْنَى وَالنَّفقَة فِي الْعدة، ويحتج من لَا يُوقع الْفرْقَة بِنَفس اللّعان بتطليق الْعجْلَاني الْمَرْأَة بعد اللِّعان، فَلَو كَانَت الْفرْقَة وَاقعَة، لم يكن للتطليق معنى، وَمن أوقع بِاللّعانِ الْفرْقَة، حمل ذَلِكَ مِنْهُ على الْجَهْل بالحكم، أَو يحْتَمل أَنَّهُ لما قيل لَهُ: لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا.

وجد من ذَلِكَ فِي نَفسه، فَقَالَ: «كَذبتُ عَلَيْهَا إِن أمسكتُها هِيَ طَالِق ثَلَاثًا».

يُرِيد بذلك تَأْكِيد تِلْكَ الْفرْقَة، يدل عَلَيْهِ أَن الْفرْقَة لَو لم تكن وَاقعَة، لكَانَتْ الْمَرْأَة فِي حكم المطلقات ثَلَاثًا، وَأَجْمعُوا على أَنَّهَا لَيست فِي حكم المطلقات ثَلَاثًا تحلُّ لَهُ بعد زوج آخر.

وَقَول ابْن شِهَاب: «فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةُ المُتَلاعِنَين».

يُرِيد أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ بعد اللِّعان.

وَفِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ لَا أَرَاهُ إِلا قَدْ صَدَقَ».

دَلِيل على أَن التحلية بالنعوت الْمَكْرُوهَة إِذا أُرِيد بهَا التَّعْرِيف، لَا تكون غيبَة يَأْثَم بهَا قائلُها، وَفِيه دَلِيل على جَوَاز الِاسْتِدْلَال بالشبه، وَفِيه بَيَان أَن مَعَ جَوَاز الِاسْتِدْلَال بِهِ لَا يُحكم بِهِ إِذا كَانَ هُنَاكَ مَا هُوَ أقوى مِنْهُ فِي الدّلَالَة على ضد مُوجبه، لِأَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُوجب الحدِّ عَلَيْهَا بالشبه لما جَاءَت بِهِ على النَّعْت الْمَكْرُوه، لوُجُود الْفراش، كَمَا لم يُعتبر الشّبَه فِي ولد وليدة زَمعَة لوُجُود مَا هُوَ أقوى، وَهُوَ الْفراش.

وَفِيه دَلِيل على أَن الْمَرْأَة كَانَت حَامِلا، وَأَن اللّعان وَقع على نفي الْحمل، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم، وَبِهِ قَالَ مَالِك، وَالأَوْزَاعِيّ، وَابْن أَبِي ليلى، وَالشَّافِعِيّ، أَن اللّعان على نفي الْحمل جَائِز، وَذهب أَصْحَاب الرَّأْي

<<  <  ج: ص:  >  >>