للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ، فَلا تُقْبَلُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَإِسْحَاقَ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [الْمَائِدَة: ١٤].

وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بَاطِلَةٌ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى جَوَازِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ فِي السَّفَرِ خَاصَّةً، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [الْمَائِدَة: ١٠٦]، أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَهْلِ دِينِكُمْ.

وَتَأَوَّلَ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ أَهْلَ الذِّمَّةِ قَوْلَهَ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [الْمَائِدَة: ١٠٦] أَيْ: مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ الْمُوصِي يُشْهِدُ أَقَارِبَهُ وَعَشِيرَتَهُ عَلَيْهَا دُونَ الأَجَانِبِ، وَاحْتَجُّوا بِهَذَا التَّأْوِيلَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الْمَائِدَة: ١٠٦]، فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الْمَائِدَة: ١٠٦] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {مِنْكُمْ} [الْمَائِدَة: ١٠٦]، أَيْ: مِنْ ذَوِي قَرَابَتِكُمْ.

وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ الآيَةَ مَنْسُوخَةٌ، وَالأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الآيَةَ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ، وَالْحَسَنِ، وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، وَقَالُوا: سُورَةُ الْمَائِدَةَ آخِرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يُنْسَخْ مِنْهَا شَيْءٌ.

وَسَبَبُ نُزُولِ الآيَةِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ، فَمَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>