للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ: المداحون هم الَّذين اتَّخذُوا مدح النَّاس عَادَة، وجعلوه بضَاعَة يستأكلون بِهِ الممدوح، فَأَما من مدح الرجل على الْفِعْل الْحسن، وَالْأَمر الْمَحْمُود يكون مِنْهُ ترغيبا لَهُ فِي أَمْثَاله، وتحريضا للنَّاس على الِاقْتِدَاء بِهِ فِي أشباهه، فَلَيْسَ بمداح.

وَقد اسْتعْمل الْمِقْدَاد الحَدِيث على ظَاهره فِي تنَاول عين التُّرَاب، وحثيه فِي وَجه المادح، وَقد يتَأَوَّل أَيْضا على وَجه آخر وَهُوَ أَن يكون مَعْنَاهُ: الخيبة والحرمان، أَي: من تعرض لكم بالثناء والمدح، فَلَا تعطوه واحرموه.

كني بِالتُّرَابِ عَن الحرمان، كَقَوْلِهِم: مَا فِي يَده غير التُّرَاب، وَكَقَوْلِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذا جَاءَك يطْلب ثمن الْكَلْب، فاملأ كَفه تُرَابا».

قلت: وَفِي الْجُمْلَة الْمَدْح وَالثنَاء على الرجل مَكْرُوه.

لِأَنَّهُ قَلما يسلم المادح عَن كذب يَقُوله فِي مدحه، وقلما يسلم الممدوح، من عجب يدْخلهُ.

وَرُوِيَ أَن رجلا أثنى على رجل عِنْد عمر، فقَالَ عمر: عقرت الرجل، عقرك الله.

بَاب الصدْق وَالْكذب

قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التَّوْبَة: ١١٩]، وقَالَ الله سُبْحَانَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>