للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} وفي حكمهما قولان: أحدهما: أنه كان متفقاً لم يختلفا فيه , لأن الله حين أثنى عليهم دل على اتقافهما في الصواب ويحتمل قوله تبارك وتعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا} على أنه فضيلة له على داود لأنه أوتي الحكم في صغره , وأوتي داود الحكم في كبره , وإن اتفقا عليه ولم يختلفا فيه لأن الأنبياء معصومون من الغلط والخطأ لئلا يقع الشك في أمورهم وأحكامهم , وهذا قول شاذ من المتكلمين. والقول الثاني: وهو قول الجمهور من العلماء والمفسرين أن حكمهما كان مختلفاً أصاب فيه سليمان , واخطأ داود , فأما حكم سليمان فإنه قضى لصاحب الحرث , وأما حكم سليمان فإنه رأى أن يدفع الغنم إلى صاحب الحرث لينتفع بدرّها ونسلها , ويدفع الحرث إلى صاحب الغنم ليأخذ بعمارته , فإذا عاد في السنة ابن مسعود , ومجاهد. فرجع داود إلى قضاء سليمان فحكم به , فقال الله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} فجعل الحق معه وفي حكمه , ولا يمتنع وجود الغلط والخطأ من الأنبياء كوجوده من غيرهم. لكن لا يقرون عليه وإن أقر عليه غيرهم , ليعود الله بالحقائق لهم دون خلقه , ولذلك تسمى بالحق وتميز به عن الخلق. واختلف القائلون بهذا في حمله على العموم في جميع الأنبياء على قولين: أحدهما: أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم مخصوص منهم بجواز الخطأ عليهم دونه قاله أبو علي بن أبي هريرة رضي الله عنه , وفرق بينه وبين غيره من جميع الأنبياء , لأنه خاتم الأنبياء فلم يكن بعده من يستدرك غلطه , ولذلك عصمه الله منه , وقد بعث بعد غيره من الأنبياء مَنْ يستدرك غلطه. والقول الثاني: أنه على العموم في جميع الأنبياء , وأن نبينا وغيره من الأنبياء في تجويز الخطأ على سواء , إلا أنهم لا يقرون على إمضائه , فلم يعتبر فيه استدراك مَنْ بعدهم من الأنبياء , فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سألته امرأة عن العدة،

<<  <  ج: ص:  >  >>