للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

و - أن يدفنوه في البلد الذي مات فيه، ولا ينقلوه إلى غيره، لانه ينافي الاسراع المأمور به في حديث أبي هريرة المتقدم، ونحوه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: " لما كان يوم أحد، حمل القتلى ليدفنوا بالبقيع، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم - بعدما حملت أمي أبي وخالي عديلين (١) (وفي رواية: عادلتهما) (على ناضح) لتدفنهم تفي البقيع - فردوا (وفي رواية قال: فرجعناهما مع القتلى حيث قتلت) ".

أخرجه أصحاب السنن الاربعة وابن حبان في صحيحه (١٩٦ - موارد) والرواية الاخرى له، وأحمد (٣/ ٢٩٧ - ٣٨٠) والبيهقي (٤/ ٥٧) بإسناد صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح " والزيادة لاحمد في رواية يأتي لفظها في المسألة الفصل (٨٠).

ولذلك قالت عائشة لما مات أخ لها بوادي الحبشة فحمل من مكانه:

" ما أجد في نفسي، أو يحزني في نفسي إلا أني وددت أنه كان دفن في مكانه " (٢) أخرجه البيهقي بسند صحيح.

ز - أن يبادر بعضهم لقضاء دينه من ماله، ولو أتى عليه كله، فإن لم يكن له مال فعلى الدولة أن تؤدي عنه إن كان جهد في قضائه، فإن لم تفعل، وتطوع بذلك بعضهم جاز، وفي ذلك أحاديث:

الأول: عن سعد بن الأطول رضي الله عنه: =


= أخرجه أبو داود والبيهقي (٣/ ٣٨٦ - ٣٨٧)، وفيه عروة - ويقال عزرة - ابن سعيد الانصاري عن أبيه، وكلاهما مجهول كما قال الحافظ في " التقريب ".
ثم إن الاستدلال بحديث أبي هريرة على ما ذكرنا إنما هو بناء على أن المراد ب (أسرعوا) الاسراع بتجهيزها، وأما على القول بأن المراد الاسراع بحملها إلى قبرها، فلا يتم الاستلال به. وهذا القول هو الذي استظهره القرطبي ثم النووي، وقوى الحافظ القول الأول بالحديثين الذين تكلمنا عنهما آنفا، ولا يخفى ما فيه.
(١) أي شددتهما على جنبتي البعير كالعديلين.
(٢) قال النووي في " الاذكار ":
" وإذا أوصى بأن ينقل إلى بلد آخر لا تنفذ وصيته، فان النقل حرام على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الاكثرون، وصرح به المحققون ".