للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أضف إلى ذلك أن الأحاديث المذكورة عند القائلين بعدم وجوب العمرة لا تقوم بها الحجة لأنها ضعيفة وواهية ولا تقوى على معارضة الأحاديث الصحيحة التى ذكرها أصحاب الفريق الأول.

أما حديث جابر الأول الذى حكم عليه الترمذى بالصحة فقد ضعفه القرطبى وقال موقوف «١» بل أنكر النووى على الترمذى تصحيحه لهذا الحديث لأن الحفاظ قد اتفقوا على تضعيفه.

ورغم أن ابن عبد البر حكم بضعف طرقه إلا أنه حمل الحديث على المعهود وهى العمرة التى قضوها حين أحصروا فى الحديبية أو على العمرة التى اعتمروها فى حجتهم مع النبى صلى الله عليه وسلم فإنها لم تكن واجبة على من اعتمر أو نحمله على ما زاد على العمرة الواحدة «٢». هذا بخلاف أحاديث القائلين بأن العمرة واجبة فهى أحاديث صحيحة «٣».

[الرأى الراجح]

بعد ذكر هذه المذاهب الفقهية وأدلتها ومناقشتها يتبين لنا أن أدلة القائلين بفرضية العمرة هى الأرجح ورغم أن القراءة المتواترة بنصب (العمرة) أفادت مجرد الأمر بإتمام الحج والعمرة بعد الشروع فيهما لله تعالى إلا أن قراءة الوقف التى وردت برفع (والعمرة) أفادت الأمر بإتمام الحج ثم استئناف كلام جديد يخبر الله تعالى بأن العمرة لله وهو خبر بمعنى الأمر ليفيد مزيد الاهتمام بالعمرة فلا تصرف إلا لله لأن بعض المشركين كان يحج لله ويعتمر للصنم.

لذلك يقول الماتريدى: إنما قال: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ لأن الكفرة كانوا يفعلون الحج لله والعمرة للصنم «٤».

فهنا كان للوقف دور فى توسعة الحكم الفقهى ففي الوصل دلت الآية على فرضية العمرة وفى الوقف دلت على أن العمرة لله وليست للأصنام كما كان يفعل المشركون.


(١) القرطبى ٣/ ٢٤٥.
(٢) المغنى ٤/ ٣٤٦، الشرح الكبير على المغنى ٤/ ٣٣٠.
(٣) المغنى ٤/ ٣٤٦، الشرح الكبير على المغنى ٤/ ٣٣٠.
(٤) البحر المحيط ٢/ ٧١.

<<  <   >  >>