للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دخول العجم فى الإسلام كان له بالغ الأثر فى التعجيل بتوحيد الأمة على قراءة واحدة فجمعه أبو بكر بعد حادث اليمامة وقتل القراء ثم جمعه عثمان الجمعة الثانية وطرحوا ما سواه فلم يقرءوا به وما زال المسلمون على ذلك حتى يومنا هذا «١».

[فوائد تعدد القراءات]

لتعدد القراءات فوائد عدة تذكر منها ما يلى:

١ - التخفيف على الأمة الإسلامية من باب التيسير ورفع الحرج.

لذلك يقول ابن قتيبة فى تأويل مشكل القرآن: فكان من تيسير الله أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقرئ كل قوم بلغتهم وما جرى عليه عادتهم .. ولو أن كل فريق من هؤلاء أمر أن يزول عن لغته وما جرى عليه اعتباره طفلا وناشئا وكهلا لاشتد ذلك عليه وعظمت المحنة فيه، ولم يمكنه إلا بعد رياضة للنفس طويلة وتذليل اللسان وقطع للعادة فأراد الله برحمته ولطفه أن يجعل له متسعا فى اللغات ومتصرفا فى الحركات كتيسيره عليهم فى الدين «٢».

٢ - رغم تعدد القراءات القرآنية فإنه لا يوجد بينها تضاد ولا تناقض رغم ما به من آيات محكمات وأخر متشابهات مما يدل على إعجازه.

٣ - هذه القراءات القرآنية يفسر بعضها بعضا كقوله تعالى: وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً فسرتها قراءة: «يأخذ كل سفينة صالحة غصبا».

٤ - هذه القراءات ترجح حكما على حكم آخر كما سوف يتبين فى الدراسة وكما فى قوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ. ففي قراءة أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ «٣» [المائدة: ٨٩].

٥ - تأكيد جانب عقائدى كما فى رؤية الله يوم القيامة فى قوله تعالى: وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً. فهناك قراءة بكسر اللام وفتح الميم وهى من أعظم الأدلة على رؤية الله تعالى يوم القيامة «٤». [الإنسان: ٢٠]


(١) البيان للصابونى ص ٢٣٥، القراءات أحكامها ومصادرها، د. شعبان إسماعيل ص ٤٦، الأحرف السبعة ص ٢٦٦ - ٢٨٩، شرح الدرة المضية لأبى القاسم النويرى ١/ ٢٥.
(٢) تأويل مشكل القرآن ص ٣٩ - ٤٠.
(٣) النشر ١/ ٢٩.
(٤) النشر ١/ ٢٩.

<<  <   >  >>