للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى رواية عن ابن عباس أن النبى صلّى الله عليه وسلّم كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل جبريل فقال: «يا محمد، أقرئ كل قوم بلغتهم» «١».

فهذا يفيد نزول القرآن باللّغات المعروفة عند العرب، ولا يتبين من ذلك ما إذا كان المراد نزول القرآن بهذه اللّغات فى المعنى الواحد حيث يكون هناك اختلاف فى اللّفظ- وهو الرأى الأول- أو كان المراد نزول القرآن فى مجموعه بهذه اللّغات، فلا تخرج كلماته عنها- وهو الرأى الثانى.

وقد علّق ابن حجر «٢» فى «الفتح» على أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف تعليقا مجملا فقال: «وهذه الأحاديث تقوّى أن المراد بالأحرف اللّغات، أو القراءات، أى أنزل القرآن على سبع لغات أو قراءات، والأحرف جمع حرف، مثل: فلس وأفلس، فعلى الأول يكون المعنى على سبعة أوجه من اللّغات، لأن أحد معانى الحرف فى اللّغة الوجه، كقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ «٣». وعلى الثانى يكون المراد من إطلاق الحرف على الكلمة مجازا لكونه بعضها «٤».

ولعل الحافظ ابن حجر فى هذا يشير إلى الرأيين السابقين، ويعبّر عن الرأى الأول بقوله: «سبعة أوجه من اللّغات» كأنه يعنى اتفاقها فى المعنى وإن اختلفت الألفاظ، ويعبّر عن الرأى الثانى بالقراءات، باعتبارها كلمات متفرقة


(١) المرشد الوجيز ص ٩٦ - ٩٧
(٢) أحمد بن على بن محمد الكنانى العسقلانى أبو الفضل شهاب الدين بن حجر، من أئمة العلم والتاريخ، أصله من عسقلان بفلسطين، ومولده ووفاته بالقاهرة، له تصانيف كثيرة فى التراجم وعلوم الحديث وشرحه، ولا سيما فتح البارى فى شرح صحيح البخارى- ت ٨٥٢ هـ (الأعلام ١/ ١٧٣).
(٣) الحج: ١١.
(٤) فتح البارى بشرح صحيح البخارى ٩/ ٢٤، المطبعة السلفية ومكتبتها.

<<  <   >  >>