للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدها: أن اللّغات السبع ليست بالضرورة فى كل كلمة من القرآن، أو فى كلمة بعينها، بل حيث يوجد فى لغات العرب تفاوت فى الألفاظ الدالة على معنى واحد ينزل القرآن باللّغات السبع أو ببعضها، وحيث لا يوجد فلا.

ثانيها: أن بعض هذه اللّغات كان أشهر من بعض، وأعلاها لغة قريش، والشأن فيها جميعا أن تكون من اللّغات الأكثر انتشارا وذيوعا.

ثالثها: أن القراءة بهذه اللّغات كانت على سبيل الاختيار عند الصحابة، حتى يسهل على كلّ أن يقرأ بما تيسر له.

رابعها: أن اللّغات السبع- أى الأحرف السبعة على ما سبق- انتهت بجمع عثمان رضى الله عنه المصحف على حرف واحد قطعا لدابر الخلاف.

وعلى هذا يحمل ما كتب به عمر إلى ابن مسعود رضى الله عنهما، قال بعضهم: الواضح من ذلك أن يكون الله تعالى أنزل القرآن بلغة قريش ومن جاورهم من فصحاء العرب، ثم أباح للعرب المخاطبين به المنزّل عليهم أن يقرءوه بلغاتهم التى جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم فى الألفاظ والإعراب، ولم يكلف بعضهم الانتقال من لغة إلى غيرها لمشقة ذلك عليهم، ولأن العربى إذا فارق لغته التى طبع عليها يدخل عليه الحميّة من ذلك، فتأخذه العزة، فجعلهم يقرءونه على عاداتهم وطباعهم ولغاتهم منا منه عزّ وجل، لئلا يكلفهم ما يشق عليهم، فيتباعدوا عن الإذعان، وكان الأصل على ما عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الألفاظ والإعراب جميعا مع اتفاق المعنى، فمن أجل ذلك جاء فى القرآن مخالفة ألفاظ المصحف المجمع عليه، كالصوف، وهو «العهن» «١»،


(١) القارعة: ٥ - وقراءة «الصوف» لعبد الله بن مسعود، جاء فى البخارى: وقرأ عبد الله- يعنى ابن مسعود: «كالصوف» (فتح البارى ٨/ ٧٢٨) وفى الكشاف للزمخشرى: وقرأ ابن مسعود: «كالصوف».
(٤ - نزول القرآن)

<<  <   >  >>