للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الوجوه التى يقع بها التغاير هى:

١ - اختلاف الأسماء بالإفراد والتذكير وفروعهما: التثنية والجمع والتأنيث كقوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ «١» قرئ «لأماناتهم» بالجمع، وقرئ «لأمانتهم» بالإفراد، ورسمها فى المصحف «لأمنتهم» يحتمل القراءتين، لخلوها من الألف الساكنة، ومآل الوجهين فى المعنى واحد، فيراد بالجمع الاستغراق الدال على

الجنسية، ويراد بالإفراد الجنس الدال على معنى الكثرة، أى جنس الأمانة، وتحت هذا جزئيات كثيرة.

٢ - الاختلاف فى وجوه الإعراب: كقوله تعالى: ما هذا بَشَراً «٢»، قرأ الجمهور بالنصب على أن «ما» عاملة عمل «ليس» وهى لغة أهل الحجاز، وبها نزل القرآن، وقرأ ابن مسعود: «ما هذا بشر» بالرفع على لغة بنى تميم، فإنهم لا يعملون «ما» عمل «ليس» «٣».

وكقوله: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ «٤»، برفع «آدم» ونصب تاء «كلمات» بالكسرة- وقرئ بنصب «آدم» ورفع «كلمات»: «فتلقى آدم من ربه كلمات».

٣ - الاختلاف فى التصريف: كقوله تعالى: فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا «٥»، قرئ بنصب «ربنا» على أنه منادى مضاف، و «باعد»


(١) المؤمنون: ٨
(٢) يوسف: ٣١
(٣) يقول ابن جنى: «وذلك كإعمال أهل الحجاز «ما» النافية للحال، وترك بنى تميم إعمالها، وإجرائهم إياها مجرى «هل» ونحوها مما لا يعمل، فكأن أهل الحجاز لما رأوها داخلة على المبتدأ والخبر دخول «ليس» عليهما، ونافية للحال نفيها إياها، أجروها فى الرفع والنصب مجراها إذا اجتمع فيها الشبهان بها، وكأن بنى تميم لما رأوها حرفا داخلا بمعناه على الجملة المستقلة بنفسها ومباشرة لكل واحد من جزأيها، كقولك: ما زيد أخوك، وما قام زيد، أجروها مجرى «هل» ألا تراها داخلة على الجملة لمعنى النفى دخول «هل» عليها للاستفهام» (الخصائص ١/ ١٦٧)
(٤) البقرة: ٣٧
(٥) سبأ: ١٩

<<  <   >  >>