للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويدل عليه ما جاء

فى حديث أبى بكرة: «أن جبريل قال: يا محمد، اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: على حرفين ... حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقولك: هلمّ، وتعال، وأقبل، وأسرع، وعجّل» «١».

قال الطبرى: «فقد أوضح نص هذا الخبر أن اختلاف الأحرف السبعة، إنما هو اختلاف ألفاظ، كقولك: «هلمّ، وتعال» باتفاق المعانى، لا باختلاف معان موجبة اختلاف أحكام، وبمثل الذى قلنا فى ذلك صحّت الأخبار عن جماعة من السلف والخلف» «٢». أى أن ابن جرير يرجّح هذا القول.

وقال ابن عبد البر فى تعليقه على هذه الرواية: «إنما أراد بهذا ضرب المثل للحروف التى نزل القرآن عليها، وأنها معان متفق مفهومها، مختلف مسموعها، لا يكون فى شىء منها معنى وضده، ولا وجه يخالف معنى وجه خلافا ينفيه ويضاده، كالرحمة التى هى خلاف العذاب» «٣».

وعلى هذا فهو من قبيل الترادف، حيث يختلف اللّفظ ويتفق المعنى.

وبهذا يفسّر ما نقله أبو عبيد القاسم بن سلام فى كتاب «غريب الحديث» من قول ابن مسعود رضى الله عنه: «إنى سمعت القراء فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم: «هلمّ، وتعال»، وكذلك قال ابن سيرين «٤»: إنما هو كقولك: هلمّ وتعال وأقبل» ثم فسّره ابن سيرين فقال:


(١) أخرجه أحمد والطبرانى بإسناد جيد، وهذا اللّفظ لأحمد، وأخرجه الطبرى عن أبى كريب بإسناده فى مقدمة التفسير، انظر: ج ١، ص ٤٣، ٥٠.
(٢) المرجع السابق ١/ ٥٠.
(٣) الإتقان ١/ ٤٧.
(٤) محمد بن سيرين البصرى إمام وقته فى علوم الدين بالبصرة، تابعى ثقة، له كتاب «تعبير الرؤيا» - ت ١١٠ هـ (تهذيب التهذيب ٩/ ٢١٤).

<<  <   >  >>