للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك موجود اليوم، وإنما أخبرنا أن معنى

قول النبى صلّى الله عليه وسلم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف»

على نحو ما جاءت به الأخبار التى تقدّم ذكرنا لها، وهو ما وصفنا، دون ما ادعاه مخالفونا فى ذلك، للعلل التى قد بينّا.

فإن قال- المتسائل- فما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة إن كان الأمر فى ذلك على ما وصفت، وقد أقرأهن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأمر بالقراءة بهن، وأنزلهن الله من عنده على نبيه صلّى الله عليه وسلم؟ أنسخت فرفعت؟ فما الدلالة على نسخها ورفعها؟ أم نسيتهن الامة، فذلك تضييع ما قد أمروا بحفظه؟

أم ما القصة فى ذلك؟

قيل له: لن تنسخ فترفع، ولا ضيّعتها الامة، وهى مأمورة بحفظها، ولكن الأمة أمرت بحفظ القرآن، وخيّرت فى قراءته وحفظه بأى تلك الأحرف السبعة شاءت، كما أمرت إذا هى حنثت فى يمين وهى موسرة، أن تكفر بأى الكفّارات الثلاث شاءت، إما بعتق، أو إطعام، أو كسوة، فلو أجمع جميعها على التكفير بواحدة من الكفارات الثلاث، دون حظرها التكفير بأى الثلاث شاء المكفّر، كانت مصيبة حكم الله، مؤدية فى ذلك الواجب عليها من حق الله، فكذلك الأمة، أمرت بحفظ القرآن وقراءته، وخيّرت فى قراءته بأى الأحرف السبعة شاءت- فرأت- لعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد- قراءته بحرف واحد، ورفض القراءة بالأحرف السبعة الباقية، ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه، بما أذن له فى قراءته به.

فإن قال: وما العلّة التى أوجبت عليها الثبات على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية؟

قيل: حديث رواه زيد بن ثابت «١»، قال: لما قتل أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم


(١) زيد بن ثابت الأنصارى الخزرجى، كاتب الوحى، وهو الذى كتب القرآن فى المصحف لأبى بكر ثم لعثمان- ت ٤٥ هـ (الإصابة ١/ ٥٤٣).

<<  <   >  >>