للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«١». وقرئ: «من تحتها الأنهار» بزيادة «من»، وقوله: وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى «٢»، وقرئ: «والذكر والأنثى» بنقص «ما خلق».

والاختلاف بالتقديم والتأخير فى مثل قوله تعالى: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ «٣»، وقرئ: «وجاءت سكرة الحق بالموت».

ولو كانت هذه الأحرف تشتمل عليها المصاحف العثمانية لما كان مصحف عثمان حاسما للنزاع فى اختلاف القراءات، إنما كان حسم هذا النزاع بجمع الناس علي حرف واحد من الأحرف السبعة التى نزل بها القرآن، ولولا هذا لظل الاختلاف فى القراءة قائما، ولما كان هناك فرق بين جمع عثمان وجمع أبى بكر.

والذى دلت عليه الآثار أن جمع عثمان رضى الله عنه للقرآن كان نسخا له على حرف واحد من الحروف السبعة حتى يجمع المسلمين على مصحف واحد، حيث رأى أن القراءة بالأحرف السبعة كانت لرفع الحرج والمشقة فى بداية الأمر، وقد انتهت الحاجة إلى ذلك، وترجّح عليها حسم مادة الاختلاف فى القراءة، بجمع الناس على حرف واحد، ووافقه الصحابة على ذلك، فكان إجماعا.

ولم يحتج الصحابة فى أيام أبى بكر وعمر إلى جمع القرآن على وجه ما جمعه عثمان، لأنه لم يحدث فى أيامهما من الاختلاف فيه ما حدث فى زمن عثمان، وبهذا يكون عثمان قد وفّق لأمر عظيم، رفع الاختلاف وجمع الكلمة، وأراح الأمة.

قال محيى السنّة الإمام البغوى: «جمع الله تعالى الأمة بحسن اختيار الصحابة على مصحف واحد، وهو آخر العرضات على رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان


(١) التوبة: ١٠٠.
(٢) الليل: ٣.
(٣) سورة ق: ١٩.

<<  <   >  >>