للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (١).

فهذه الآيات أدلة بيّنة على مدى الكمال الإنسانى الذى أفاضه الله على أنبيائه ورسله، ولو لم يكونوا كذلك لسقطت هيبتهم فى القلوب، ولصغر شأنهم فى أعين الناس، وبذلك تضيع الثقة فيهم، فلا ينقاد لهم أحد، وتذهب الحكمة من إرسالهم ليكونوا قادة الخلق إلى الحق، بل لو فعلوا شيئًا مما يتنافى مع الكمال الإنسانى بأن يتركوا واجبًا، أو يفعلوا محرّمًا، أو يرتكبوا ما يتنافى مع الخلق الكريم، لكانوا قدوة سيئة، ولم يكونوا مُثلاً عُليا، ومنارات هدى.

إن رسل الله يدركون بحسهم الذى تميزوا به على غيرهم من البشر، أنهم دائمًا فى حضرة القدس، وأنهم يبصرون الله فى كل شىء، فيرون مظاهر جماله وجلاله، ودلائل قدرته وعظمته، وآثار حكمته ورحمته، يرون ذلك فى أنفسهم وفيمن حولهم: فى الأرض والسماء، وفى الليل والنهار، وفى الحياة والموت، فتمتلئ قلوبهم إجلالاً لله ووقارًا له، فلا يبقى فيها مكان لشيطان، ولا موضع لهوى، ولا جنوح لشهوة، ولا إرادة لشىء سوى إرادة الحق والتفانى فيه والاستشهاد من أجله.

وما ورد فى القرآن الكريم مما يوهم ظاهره بأنهم ارتكبوا ما يتنافى مع عصمتهم، فهو ليس على ظاهره، ويتجلى ذلك فيما نذكره بالنسبة لما نسب لكل نبىّ فيما يلى:

* آدم عليه السلام:

يقول الله عز وجل:

{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} (٢).


(١) سورة الأنبياء - الآية ٩٠.
(٢) سورة طه - الآية ١٢١.

<<  <   >  >>