للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل هذه المسائل، جاءت فى أسلوب بلاغى رائع، يملك على المرء حسه، ويستولى على مشاعره، ويوقظ حواس الخير فيه، مع بعده عن الاختلاف، وسلامته من التناقض.

{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} (١).

إنه لم يعرف لكتاب من الكتب مثل ما لهذا القرآن، من سمو الموضوع، وسحر البيان، وقوة التأثير، مما وجه عناية العلماء إلى الاهتمام بدراسته من حيث ألفاظه، ومعانيه، وعقائده، وآدابه، وأحكامه، وتشريعاته؛ فخلقوا بهذه الدراسة ثروة ضخمة من العلم والأدب، لا تزال ولن تزال المادة الصالحة لقيام حضارة إنسانية ينعم فيها البشر بحياة أفضل وعيش أرغد.

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} (٢).

هذه هى المعجزة التى أيد الله بها نبيه الأمىّ، والتى غير بها نفوسًا، وأحيا قلوبًا، وأنار بصائر، وربى أمة، وكون دولة، فى سِنِى تعد على الأصابع.

إذا كان قلب العصا حية معجزة، فإن تغيير العقول والقلوب أبلغ فى الإعجاز.

وإذا كان إحياء الميت من الخوارق التى أيد الله بها بعض أنبيائه، فإن إحياء أمة أمّية من الجهل والرذيلة، وجعلها مصدر إشعاع وهداية، هو الخارق الذى تتضاءل فى جوانبه جميع المعجزات.

الله أكبر إن دين محمد ... وكتابه أقوى وأقوم قيلا

لا تذكر الكتب السوالف عنده ... طلع الصباح فأطفئ القنديلا


(١) سورة النساء - الآية ٨٢.
(٢) سورة الشورى - الآية ٥٢.

<<  <   >  >>