للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن تختلف فيه أضلاعه، فتلك المعيشة الضَّنْكُ التى قال الله تعالى: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (١)».

وقال الحافظ فى الفتح: " وذهب ابن حزم، وابن هبيرة، إلى أن السؤال يقع على الروح فقط من غير عَوْد إلى الجسد، وخالفهم الجمهور، فقالوا: تعاد الروح إلى الجسد، أو بعضه كما ثبت فى الحديث، ولو كان على الروح فقط، لم يكن للبدن من ذلك اختصاص، ولا يمنع من ذلك كون الميت قد تتفرق أجزاؤه، لأن الله قادر أن يعيد الحياة إلى جزء من الجسد، ويقع عليه السؤال، كما هو قادر على أن يجمع أجزاءه؛ والحامل للقائلين: بأن السؤال يقع على الروح فقط، أن الميت قد يشاهد فى قبره حال المسألة لا أثر فيه، من إقعاد ولا غيره، ولا ضيق فى قبره ولا سعة، وكذلك غير المقبور كالمصلوب؛ وجوابهم: أن ذلك غير ممتنع فى القدرة، بل له نظير فى العادة، وهو النائم، فإنه يجد لذّة وألمًا، لا يدركه جليسه، بل اليقظان قد يدرك ألمًا ولذّة لما يسمعه، أو يفكر فيه، ولا يدرك ذلك جليسه، وإنما أتى الغلط من قياس الغائب على الشاهد، وأحوال ما بعد الموت على ما قبله، والظاهر أن الله تعالى صرف أبصار العباد وأسماعهم عن مشاهدة ذلك وستره عنهم، إبقاء عليهم، لئلا يتدافنوا، وليست للجوارح الدنيوية قدرة على إدراك أمور الملكوت، إلا من شاء الله، وقد ثبتت الأحاديث بما ذهب إليه الجمهور، كقوله: «إنه ليسمع خفق نعالهم»، وقوله: «تختلف أضلاعه لضمّة القبر»، وقوله: «يسمع صوته إذا ضربه بالمطراق»، وقوله: «يضرب بين أُذنيه»، وقوله: «فيُقعِدانه»، وكل ذلك من صفات الأجساد.


(١) سورة طه - الآية ١٢٤.

<<  <   >  >>