للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* الحساب هو مقتضى العدل الإلهى:

إن الله عز وجل متصف بصفات الكمال، ومن صفاته الكمالية: العدل، والحكمة؛ فهو عدل لا يظلم أحدًا من خلقه، وحكيم لا يضع الشىء فى غير موضعه.

ومن عدله وحكمته ألا يسوِّى بين البر والفاجر، ولا بين المؤمن والكافر، ولا بين المحسن والمسىء؛ فإن التسوية بينهما منتهى الظلم والسفه.

والله عز وجل قد أرسل رسله بالبينات، وأنزل معهم الكتاب والميزان، ليقوم الناس بالقسط، فاهتدى فريق إلى الله، وانحرف فريق عن هدايته، فلم تكن له العقيدة الحقة، ولا العبادة الصحيحة، ولا العمل الصالح.

والذين اهتدوا كلفتهم الهداية جهادًا شاقًا، وتضحيات مريرة، ومغالبة للهوى، ومحاربة للباطل، ومكافحة للشرور والآثام، وطال جهادهم، ودام كفاحهم حتى اللحظات الأخيرة من حياتهم.

فهل يستوى هؤلاء الأبرار مع التافهين الفارغين الفسقة، الذين استحبوا العمى على الهدى، وآثروا الغَىَّ على الرشاد، وتعجلوا حظوظهم الدنيئة وشهواتهم الخسيسة، وظلوا سادرين فى غيِّهم لا يصدّهم عنه صاد، ولا يأخذ بحجزاتهم أحد؟!

لقد قضى كل من الفريقين حياته: هذا يجاهد فى سبيل الله ليعلى كلمته، وليرفع راية الحق، وليطهر الأرض من الشر والفساد .. وذاك يجاهد من أجل شهواته وغرائزه الدنيا، سائرًا فى ركب الشيطان، مؤتمرًا بأمر نفسه الأمارة بالسوء .. فهل من العدل والحكمة أن يكون مصير هؤلاء جميعًا واحدًا؟ إن ذلك لا يجوز فى العقل السليم، بله الله أعْدَل العادلين، وأحكم الحاكمين.

<<  <   >  >>