للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخالق لا يكون مخلوقًا؛ لأنه لو كان مخلوقًا لاحتاج إلى خالق، وهكذا إلى ما لا نهاية؛ وعقولنا القاصرة لا تدرك حقيقة نفسها، فكيف بحقيقة الذات الإلهية؟ وقد نهينا أن نبحث فيها، ففى حديث عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا: خلق الله الخلق فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئًا فليقل: آمنت بالله» (١).

وقد كتب أحد العلماء الباحثين جوابًا عن هذا السؤال موضحًا له بمثال، فقال: " إذا وضعت كتابًا على مكتبك، ثم خرجت من الحجرة، وعدت إليها بعد قليل، فرأيت الكتاب الذى تركته على المكتب موضوعًا فى الدرج، فإنك تعتقد تمامًا أن أحدًا لابد أن يكون قد وضعه فى الدرج؛ لأنك تعلم من صفات هذا الكتاب أنه لا ينتقل بنفسه .. احفظ هذه النقطة، وانتقل معى إلى نقطة أخرى.

لو كان معك فى حجرة مكتبك شخص جالس على الكرسى، ثم خرجت، وعدت إلى الحجرة، فرأيته جالسًا على البساط مثلاً، فإنك لا تسأل عن سبب انتقاله، ولا تعتقد أن أحدًا نقله من موضعه؛ لأنك تعلم من صفات هذا الشخص أنه ينتقل بنفسه، ولا يحتاج إلى من ينقله .. احفظ هذه النقطة الثانية ".

ثم أقول لك: " لما كانت هذه المخلوقات محدثة ونحن نعلم من طبائعها وصفاتها أنها لا توجد بذاتها، بل لابد لها من موجد، عرفنا أن موجدها هو الله تبارك وتعالى، ولما كان كمال الألوهية يقتضى عدم احتياج الإله إلى غيره، بل إن من صفاته قيامه بنفسه، عرفنا أن الله تبارك وتعالى موجود بذاته وغير محتاج إلى من يوجده ..


(١) رواه مسلم.

<<  <   >  >>