للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} (١).

فنرى من هذه الآيات أن سبب الإضلال هو الزيغ, والخروج عن تعاليم الله والكبر, والجبروت, والتعالى على الناس بغير حق, ونقض عهد الله, وقطع ما أمر الله به أن يوصل, ووصل ما أمر الله به أن يقطع, والفساد فى الأرض, والكفر واقتراف الآثام.

فهذه هى الأسباب التى أضلت الناس, وأخرجتهم عن منهج الحق لأنهم آثروا العمى على الهدى, واستحبوا الظلام على النور, فكان أن كافأهم الله فأصمهم, وأعمى أبصارهم بمقتضى نظامه فى ارتباط الأسباب بمسبباتها.

وهذا ونحوه كثير فى كتاب الله, ومنه:

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (٢).

فهؤلاء أهملوا منافذ العلم والعرفان وعطلوها عما خلقت له, فلم يصل إليها نور الحق.

فقلوبهم غلف لا تعقل عن الله وحيه, وعيونهم عمى لا ترى الله فى ملكوته, وآذانهم صم لا تسمع آيات الله, فهم مثل الأنعام التى لا تنتفع بحواسها الظاهرة والباطنة, بل أضل من الأنعام, إذ الأنعام لم تزود بما زُوّد به الإنسان من قوى نفسية وعقلية وروحية.


(١) سورة النساء - الآية ١٥٥.
(٢) سورة الأعراف - الآية ١٧٩.

<<  <   >  >>