للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي بأن اخْرجْ قومَكَ. المعنى أرسلناه بأن يخرج قومه (من الظلمات إلى

النور)، أي من ظلمات الكفر إلى نور الِإسلام.

و" أنْ " ههنا يصلح أنْ يكون لْي معنىْ " أنْ " المخففة، وتكون مُفَسَّرةً، ويكون المعنى ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أي أخرج قومك، كأن المعنى قلنا له: أخْرِجْ قومَكَ، ومثل هذا: (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا).

أي امشوا. والتأويل: قالوا لهم: امشوا.

قال سيبويه تقول كتبت إليه أن قُمْ، وأمرته أن قُمْ، إن شئت كانت " أن "

وصلت بالأمر، والتأويل تأويل الخبر، المعنى كتبْت إليهَ أن يَقُومَ وأمرته أنْ

يَقومَ، إلا أنها وُصِلَتْ بلفظ الأمْر للمخاطب، والمعنى معنى الخبر، كما

تقول، أنت الذي فعلت، والمعنى أنت الذيِ فَعَلَ

قال: ويجوز أن يكون في معنى أي، ومثله أرسلت إليه أنْ مَا أنْتَ وذَا.

وقوله: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ).

(وَذَكِّرْهُمْ) عطف على (اخرِجْ)، وتذكيرهم بأيام اللَّه، أي تذكيرهم بنَعَمِ

أيامِ الله عليهم، وبنقم اللَّه التي انتقم فيها من قوم نوح وعاد وثمودَ، أي

ذكرهم بالأيام التي سَلَفَتْ لمن كفر وما نزل بهم فيها، وذَكِرْهًمْ. بنعَم اللَّه.

والدليل على أن التذكير مشتمل على الِإنْذار والتَّحْذِير مما نزِل بِمَنْ قبلهم قوله عزَّ وجلَّ بعد هذه الآية: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩)

أي ألم يأتهم أخبارُ أُولَئِكَ والنَوَازِلِ بهِمْ، (لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ).

فأعلم الله أن بعد هؤلاء أمَماً قد مضى من كان يعلم أنباءَهَا، ومن هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>