للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أباحه اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - هَذَيْن الحكمبن كما أباح محمداً - صلى الله عليه وسلم - الحكم بين أهْلِ الكتاب أو الإِعراضَ عنهم.

* * *

(قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا

[(٨٧)]

أي فسوفْ نعذِّبُه بالقتل وعَذَاب اللَّهِ إيَّاهُ بالنار أنْكَرُ من عذاب القتل.

وقوله: (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (٨٨)

(وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ [جَزَاءُ] الْحُسْنَى)

وتُقرأ (جَزَاءً الْحُسْنَى)، المعنى فله الحسنى جزاءً، وجزاء مصدر

موضوع في موضع الحال.

المعنى فله الحسنى مَجْزِيًّا بها جزاءً.

ومن قرأ (جَزَاءُ الْحُسْنَى)، أضَافَ جزاء إلى الحسنى.

وقد قرئ بهما جميعاً (١).

(وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا).

أي نقول له قولًا جميلاً

(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (٨٩)

أي سببًا آخر مما يوصله إلى قُطْر من أقطار الأرض.

* * *

(حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (٩٠)

أي: لم نجعل لهم شيئاً يُظلهُمْ من سقف ولا لباس.

وقوله: (كَذَلِكَ) يجوز أن يكون وجدها تطلع على قوم كذلك القبيل

الذين كانوا عند مغرب الشمس، وأن حكمهم حكم أولئك.

وقولها (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (٩٢)

أي سبباً ثالِثاً مما يبلُغُهُ قُطراً من أقطَارِ الأرْض.


(١) قال السَّمين:
قوله: {جَزَآءً الحسنى}: قرأ الأخوان وحفصٌ بنصب «جزاءً» وتنوينِه. والباقون برفعِه مضافاً. فالنصبُ على المصدر المؤكِّد لمضمونِ الجملة، فتُنْصَبُ بمضمرٍ أو مؤكِّدٍ لعاملٍ مِنْ لفظِه مقدرٍٍ، أي: يَجْزِي جزاء. وتكونُ الجملةُ معترضةً بين المبتدأ وخبرِه المقدَّمِ عليه. وقد يُعْترض على الأولِ: بأنَّ المصدرَ المؤكِّدَ لمضمونِ جملةٍ لا يتقدَّمُ عليها، فكذا لا يَتَوسَّط. وفيه نظرٌ يحتمل الجوازَ والمنعَ، وهو إلى الجوازِ أقربُ.
الثالث: أنه في موضع الحالِ. والقراءةُ الثانية رفعُه فيها على الابتداء، والخبرُ الجارُّ قبلَه. و «الحُسْنى» مضاف إليها. والمرادُ بالحُسْنى الجنَّةُ. وقيل: الفَعْلَة الحسنى.
الرابع: نصبُه على التفسيرِ. قاله الفراء. يعني التمييزَ. وهو بعيدٌ.
وقرأ ابن عباس ومسروقٌ بالنصبِ والإِضافةِ. وفيها تخريجان، أحدُهما: أنَّ المبتدأَ محذوفٌ، وهو العاملُ في «جزاءَ الحسنى» التقديرُ: فله الجزاءُ جزاءَ الحسنى. والثاني: أنه حَذَفَ التنوينَ لالتقاءِ الساكنين كقوله:
٣١٩٦ - . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ولا ذاكرَ اللهَ إلاَّ قليلا
ذكره المهدويُّ.
وقرأ عبد الله وابن أبي إسحاق «جزاءً» مرفوعاً منوناً على الابتداء. و «الحُسْنى» بدلٌ أو بيان، أو منصوبةٌ بإضمار «أَعْني»، أو خبرُ مبتدأ مضمرٍ. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>