للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)

(فَارقُوا دِينَهُمْ)

وقرئت (فَرَّقُوا دِينَهُمْ).

(وَكَانُوا شِيَعًا).

فِرَقاً، فأمرهم اللَّه - عزَّ وجلَّ - بالاجتماع والألْفَةِ ولُزوم

الجماعة، والسنَةُ في الهدايةُ، والضَلَالة هي الفُرْقَةُ.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (كُل حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ).

أي كل حزب من هذه الجماعة الذين فارقوا دينهم فَرِحٌ يَظُنُ أَنهُ

هو المُهْتَدِي.

ثم أعلم اللَّه عزَّ وجلَّ أنهم إذا مَسهُم ضُر دَعَوْا ربهم

منيبين إليه، أي لا يلجأون في شدائدَهم إلى مَنْ عَبَدوه مع اللَّه - عز

وجل - إنما يَرجِعُون في دُعائِهِمْ إلَيْه وَحْدَه.

(ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣)

أي إذا أذاقهم رحمةً بأن يخلصهم من تلك الشدة التي دعَوْا فيها

الله وحده مَروا بعد ذلك على شركِهِم.

وقولهم عزَّ وجلَّ: (لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤)

معنى " فَتَمَتَعُوا " خطاب بعد الإخبار لأنه لَمَّا قال: " لِيَكْفُرُوا " كان خبراً عَنْ غائب. فكان المعنى فتمتعوا أيها الفَاعلون لِهَذَا فسوف تعلمون.

وليس هذا بأمرٍ لازم. أَمرَهُمْ اللَّه بِهِ.

وهو أَمر عَلَى جهة الوَعِيدِ والتَهدُّد، وذلك مستعمل في كلام

الناس تقول: إن أسمعتني مَكْروهاً فَعَلْتُ بك وَصَنَعْتُ ثم تقول: افعَلْ

بي كذا وكذا فإنك سترى ما ينزل بك، فليس إذا لم يُسْمِعْكَ كان

عاصياً لك.

فهذا دليل أنه ليس بأمرٍ لازم، وكذلك (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>