للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما النصبُ فعطف على (ما) والمعنى ولو أن ما في الأرْضِ ولو

أن البحرَ، والرفع حسن على وجهين:

على معنى. والبحرُ هَذِه حَاله.

ويجوز أن يكون معطوفاً على موضع إن مع ما بعدها لأن معنى لو أَن ما

في الأرض لَوْ وقع ما فِي الأرْضِ، لأن (لو) تطلب الأفعال فإذا جاءت

معها (إنَّ) لم تذكر معها الأفعال، لأنه تذكر معها الأسماء والأفعال.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ).

معناه ما انقطعت، ويروى أَن المشركين قالوا في القرآن: إن

هَذا كلام سَينْفَدُ، وسيقطع، فأَعلم اللَّه عزَّ وجلَّ أَن كَلِمَاتِه وحكمتَهُ لا

تَنفدُ (١).

* * *

وقوله: (مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ

[(٢٨)]

تأويله إلا كخلق نفس وَاحِدَةٍ، وكبعث نَفْس وَاحِدَةٍ، أي قُدْرَةُ

اللَّهِ عَلَى بعثْ الخلق أجمعين وعلى خلق الخلق أجمعين كَقُدْرَتِه على

خلق نفس واحدةٍ وبعث نفس وَاحِدَةٍ.

* * *

وقوله: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

[(٢٩)]

(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ)

معناه يدخل الليل في النهار، لَيْلَ الصيف في نَهاره.

(وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ).

يدخل نهار الشتاء في ليله.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١)

ويقرأ بِنِعِمات اللَّه، ويجوز بِنَعْمَات اللَّه، ويجوز بِنِعَمَات اللَّه


(١) قال الإمام زين الدين محمد بن أبى بكر الرَّازى
فإن قيل: قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ) يطابقه وما في الأبحر من ماء مداد فكيف عدل عنه؟
قلنا: استغنى عن ذكر المداد بقوله تعالى: (يمده) لأنه من قولك مد الدواة وأمدها، فجعل البحر المحيط بمنزلة الدواة، والأبحر السبعة المملوءة مداداً أبداً صباً لا ينقطع، فصار نظير ما ذكرتم ونظيره قول تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي. . .الآية).
فإن قيل: كيف قال تعالى (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي) ولم يقل من شجر؟
قلنا: لأنه أراد تفصيل الشجر وتقصيها شجرة شجرة حتى لا يبقى من جنس الشجر شجرة واحدة إلا وقد بريت أقلاماً.
فإن قيل: الكلمات جمع قلة والمقصود التعظيم والتفخيم، فكان جمع الكثرة وهو الكلم أشد مناسبة؟
قلنا: جمع القلة أبلغ فيما ذكرتم من المقصود، لأن جمع القلة إذا لم يغن بتلك الأقلام وذلك والمداد فكيف يغنى جمع الكثرة. أهـ {أنموذج جليل في أسئلةٍ وأجوبةٍ عن غرائبِ آي التنزيل صـ ٤٠٦}

<<  <  ج: ص:  >  >>