للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (٣٢)

من قرأ بالتخفيف (لَمَا) فما زائدة مؤكدة، والمعنى إنْ كل

لجميع لدينا مُحْضَرُونَ، ومعناه وَمَا كُلٌّ إلا جميع لدينا مُحْضَرونَ،.

ويقرأ (لَمَّا) بالتًشْدِيد ومعنى (لَمَّا) ههنا (ألَّا)، تقول سألتك لَمَّا فعلت.

وتفسير الآية أنَّهم يحضرون يوم القيامة فيقفون على ما عملوا.

* * *

وقوله: (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)

(الْمَيْتَةُ)

ويقرأ بالتشديد

وأصل الميْتة الميِّتَة، والأصل التشديد، والتخفيف أكثر، وكلاهما

جائز.

(وَآيَةٌ) مرفوعة بالابتداء، وخبرها (لَهُمْ) أي وعلامة تدلهم على

التوحيد وأَن اللَّه يبعث الموتى إحياءَ الأرض الميتَةِ.

ويجوز أن يكون آية مرفوعة بالابتداء، وخبرها الأرض الميتة.

* * *

وقوّله: (وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥)

ويجوز ثُمْره - بإسكان الميم وضَم الثاء.

(وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ).

ويقرأ (وَمَا عَمِلَتْ) بغير هاء (١)، وموضع " ما " خفض.

المعنى ليأكلوا من ثمره ومما عملته أيديهم.

ويجوز أن تكون (ما) نفياً، على معنى ليأكلوا من ثمره ولم تعمله أيْدِيهِمْ.

هذا على إثبات الهاء، وإذا حذفت الهاء فالاختيار أن يكون " ما " في موضع خفض، ويكون (ما) في معنى الذي، فيحسن حذف الهاء، ويكون هذا على قوله:


(١) قال السَّمين:
قوله: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} في «ما» هذه أربعةُ أوجهٍ، أحدها: أنها موصولةٌ أي: ومن الذي عَمِلَتْه أيديهم من الغرس والمعالجة. وفيه تَجَوُّزٌ على هذا. والثاني: أنها نافيةٌ أي: لم يعملوه هم، بل الفاعلُ له هو اللَّهُ تعالى.
وقرأ الأخَوان وأبو بكر بحذف الهاء والباقون «وما عَمِلَتْه» بإثباتِها. فإنْ كانَتْ «ما» موصولةً فعلى قراءة الأخوين وأبي بكر حُذِف العائدُ كما حُذِف في قولِه: {أهذا الذي بَعَثَ الله رَسُولاً} [الفرقان: ٤١] بالإِجماع. وعلى قراءةِ غيرِهم جيْءَ به على الأصل. وإن كانَتْ نافيةً فعلى قراءةِ الأخوين وأبي بكر لا ضميرَ مقدرٌ، ولكن المفعولَ محذوفٌ أي: ما عَمِلَتْ أيديهم شيئاً مِنْ ذلك، وعلى قراءةِ غيرِهم الضميرُ يعودُ على «ثَمَرِه» وهي مرسومةٌ بالهاء في غيرِ مصاحفِ الكوفةِ، وبحذفِها فيما عداها. / والأخَوان وأبو بكرٍ وافقوا مصاحفهم، والباقون - غير حَفْصٍ - وافقوها أيضاً، وجعفر خالَفَ مصحفَه، وهذا يَدُلُّ على أنَّ القراءةَ متلقَّاةٌ مِنْ أفواهِ الرجال، فيكون عاصمٌ قد أقرأها لأبي بكرٍ بالهاء ولحفصٍ بدونها.
الثالث: أنها نكرةٌ موصوفةٌ، والكلامُ فيها كالذي في الموصولة. والرابع: أنها مصدريةٌ أي: ومِنْ عَمَلِ أيديهم. والمصدرُ واقعٌ موقعَ المفعولِ به، فيعودُ المعنى إلى معنى الموصولة أو الموصوفة. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>