للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حكاية عن قولهم ليَقُولًونَ اصطفى.

وفتح الألف وقطعها أجود على أأصطفى.

ثم تحذف ألف الوصل (١).

* * *

(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨)

الْجِنَّة هَهُنَا المَلَائِكَةُ.

* * *

(وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ).

أي: وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ وهم الملائكة أن الذين قالوا: ولد اللَّه. . .

لمُحْضَرونَ العَذَابَ.

* * *

(سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩)

تنزيه اللَّه من السوء عن وَصْفِهِم.

* * *

(فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢)

أي ما أنتم بمضلين عليه ألا مَنْ أَضَل اللَّهُ.

* * *

(إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣)

أي لستم تضلون إلا أَهلَ النَّارِ، وقرأ الحَسَنُ " إِلَّا مَنْ هُوَ صَالُ الْجَحِيمِ "

بضم اللام، والقراءة بكسر اللام، على معنى صالي.

والوقف عليها ينبغي أن يكون بالياء، ولكنها محذوفة في المصحف.

ولقراءة الحَسنِ وجْهَان:

أحدهما أن يكون أراد صالونَ الجحيم فحذفت النونُ للإضافة وحذفت الواو لسكونها وسكون اللام من الجحيم، ويَذْهَبُ بِـ (مَنْ) مَذْهَبَ الجِنْسِ، أي بالجنس الذين هم صالوا الجحيم، ويجوز أن يكون صَالُ في معنى صائل، مفعول من صَالَى، مثل جرف هارٍ أي هائرٍ، والقراءة التي هي الإجماع كسر اللام (٢).

* * *

(وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤)


(١) قال السَّمين:
قوله: {أَصْطَفَى}: العامَّةُ على فتحِ الهمزة على أنها همزةُ استفهامٍ بمعنى الإِنكارِ والتقريعِ، وقد حُذِفَ معها همزةُ الوَصْلِ استغناءً عنها.
وقرأ نافعٌ في روايةٍ وأبو جعفر وشيبةُ والأعمش بهمزةِ وَصْلٍ تَثْبُتُ ابتداءً وتَسْقُطُ دَرْجاً. وفيه وجهان، أحدُهما: أنَّه على نيةِ الاستفهامِ، وإنما حُذِفَ للعِلْمِ به. ومنه قولُ عُمَرَ بن أبي ربيعة:
٣٨٢٤ ثم قالُوا: تُحِبُّها قلتُ بَهْراً. . . عددَ الرَّمْلِ والحَصَى والترابِ
أي: أتُحبها. والثاني: أن هذه الجملةَ بَدَلٌ من الجملة المحكيَّةِ بالقول، وهي «وَلَدَ اللَّهُ» أي: يقولون كذا، ويقولون: اصطفى هذا الجنسَ على هذا الجنس. قال الزمخشري: «وقد قرأ بها حمزةُ والأعمشُ. وهذه القراءة وإنْ كان هذا مَحْمَلَها فهي ضعيفةٌ. والذي أَضْعَفَها أنَّ الإِنكارَ قد اكتنف هذه الجملةَ مِنْ جانَبيْها، وذلك قولُه:» وإنهم لَكاذبون «، {مَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} فمَنْ جَعَلَها للإَثباتِ فقد أَوْقَعها دخِيلةً بين نَسِيبَيْنِ». قال الشيخ: «وليسَتْ دخيلةً بين نَسِيْبَيْن؛ لأنَّ لها مناسَبةً ظاهرةً مع قولِهم:» وَلَدَ اللَّهُ «. وأمَّا قولُه:» وإنهم لَكاذبون «فهي جملةُ اعتراضٍ بين مقالتَيْ الكفرة جاءَتْ للتنديدِ والتأكيدِ في كَوْنِ مقالتِهم تلك هي مِنْ إفْكِهم».
ونَقَلَ أبو البقاء أنه قُرِئ «آصْطفى» بالمدِّ. قال: «وهو بعيدٌ جداً». اهـ (الدُّرُّ المصُون).
(٢) قال السَّمين:
وقرأ العامَّةُ «صالِ الجحيم» بكسرِ اللامِ؛ لأنه منقوصٌ مضافٌ حُذِفَتْ لامُه لالتقاءِ الساكنين، وحُمِلَ على لفظ «مَنْ» فأَفْرَدَ كما أَفْرد هو. وقرأ الحسنُ وابن أبي عبلة بضمِّ اللامِ مع واوٍ بعدَها، فيما نقله الهذلي عنهما، وابن عطية عن الحسن. وقرآ بضمِّها مع عَدَمِ واوٍ فيما نقل ابنُ خالويه عنهما وعن الحسن فقط، فيما نقله الزمخشريُّ وأبو الفضل. فأمَّا مع الواو فإنَّه جَمْعُ سَلامةٍ بالواو والنون، ويكون قد حُمِلَ على لفظ «مَنْ» أولاً فأفردَ في قوله «هو»، وعلى معناها ثانياً فجُمِعَ في قوله: «صالُو» وحُذِفَتْ النونُ للإِضافة. وممَّا حُمِل فيه على اللفظ والمعنى في جملةٍ واحدةٍ وهي صلةٌ للموصولِ قولُه تعالى: {إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نصارى} [البقرة: ١١١] فأفرد في «كان» وجُمِعَ في هوداً. ومثله قولُه:
٣٨٢٥. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وأَيْقَظَ مَنْ كان مِنْكُمْ نِياما
وأمَّا مع عَدَمِ الواو فيُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ جمعاً أيضاً، وإنما حُذِفَتْ الواوُ خطاً كما حُذِفَتْ لفظاً. وكثيراً ما يَفْعلون هذا: يُسْقِطون في الخطِّ ما يَسْقط في اللفظِ. ومنه «يَقُضُّ الحق» في قراءةِ مَنْ قرأ بالضاد المعجمة، ورُسِمَ بغير ياءٍ، وكذلك {واخشون، اليوم} [المائدة: ٣]. ويُحْتمل أَنْ يكونَ مفرداً، وحقُّه على هذا كسرُ اللامِ فقط لأنه عينُ منقوصٍ، وعينُ المنقوصِ مكسورةٌ أبداً وحُذِفَتِ اللامُ وهي الياءُ لالتقاءِ الساكنين نحو: هذا قاضِ البلد.
وقد ذكروا فيه توجيهَيْن، أحدهما: أنه مقلوبٌ؛ إذا الأصلُ: صالي ثم صايل: قَدَّموا اللامَ إلى موضع العينِ، فوقعَ الإِعرابُ على العين، ثم حُذِفَتْ لامُ الكلمة بعد/ القلب فصار اللفظ كما ترى، ووزنُه على هذا فاعُ فيُقال على هذا: جاء صالٌ، ورأيتُ صالاً، ومررت بصالٍ، فيصيرُ في اللفظِ كقولك: هذا بابٌ ورأيتُ باباً، ومررتُ ببابٍ. ونظيرُه في مجردِ القلبِ: شاكٍ ولاثٍ في شائك ولائث، ولكنْ شائِك ولائِث قبل القلب صحيحان، فصارا به معتلَّيْن منقوصَيْنِ بخلافِ «صال» فإنَّه قبلَ القلبِ معتلٌّ منقوصٌ فصار به صحيحاً. والثاني: أنَّ اللامَ حُذِفَتْ استثقالاً مِنْ غيرِ قَلْبٍ. وهذا عندي أسهلُ ممَّا قبلَه وقد رَأَيْناهم يتناسَوْن اللامَ المحذوفةَ، ويجعلون الإِعرابَ على العين. وقد قُرِئَ «وله الجوارُ» برفع الراءِ، {وَجَنَى الجنتين دَانٌ} برفعِ النونِ تشبيهاً ب جناح وجانّ. وقالوا: ما بالَيْت به بالة والأصل بالِية كعافِيَة. وقد تقدَّمَ طَرَف مِنْ هذا عند قولِه تعالى: {وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٌ} فيمَنْ قرأه برفع الشين. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>