للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

داود يأذن فيه أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْه أحَد، فأنكر ذلك وَفزِع.

وإنَّمَا بُعِثَ إليه مَلَكَان فتصَورا في صورة رَجُلَيْن متخاصِميْن.

(قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ).

القراءة - الرفع، والرافع لِخَصْمانِ نحن، والمعنى نحن خَصْمَانِ ولو كان

في الكلام لاَ تَخَفْ خَصْمَيْنِ بَغَى بَعْضُنَا على بَعْض لجاز، على معنى

أَتَينَاكَ خَصْمَيْنِ لأنه أنكر إتيانهم، وإتْيَانُ الخُصُومِ قَدْ كَان يعتاده كثيراً.

(فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ).

أي لا تَجُرْ، يقال أَشَط يُشِط إذا جَار، ويقرأ لَا تَشطُطْ بمعنى لا تَبْعُد

عن الحق، وكذلك لَا تَشْطِطْ - بكَسْرِ الطاء وفتح التاء - معناه كمعنى الأول

قال الشاعر:

تَشُِطُّ غَداً دارُ جِيرانِنا. . . ولَلدَّارُ بَعْدَ غَدٍ

(واهْدِنا إلى سَواءِ الصِّراطِ).

إلى قصد الطريق - أي طريق الحق.

* * *

(إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (٢٣)

كَنَى بالنعجة عن المرأة.

قال الأعشى:

فَرمَيْتُ غُفْلَةَ عَيْنِه عن شاتِه. . . فأَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبها وطِحالَها

عنى بالشاة ههنا المرأة (١).


(١) قال السَّمين:
قوله: {تِسْعٌ وَتِسْعُونَ}: العامَّةُ على كسر التاءِ، وهي اللغةُ الفاشيةُ. وزيد بن علي والحسن بفتحها فيهما، وهي لُغَيَّةٌ. وقرأ العامَّةُ «نَعْجة» بفتح النون، والحسن وابن هرمز بكسرها. قيل: وهي لغةٌ لبعضِ بني تميمٍ. وكَثُرَ في كلامِهم الكنايةُ بها عن المرأةِ قال ابنُ عَوْنٍ:
٣٨٥٨ أنا أبُوْهُنَّ ثلاثٌ هُنَّهْ. . . رابِعَةٌ في البيتِ صُغْراهُنَّهْ. . . ونَعْجتي خَمْساً تُوَفِّيْهِنَّهْ. . . وقال آخر:
٣٨٥٩ هما نَعْجَتان مِنْ نِعاج تَبالَةٍ. . . لَدى جُؤْذُرَيْنِ أو كبعضٍ دُمَى هَكِرْ
وقوله: «وعَزَّني» أي: غَلَبني. قال الشاعر:
٣٨٦٠ قَطاةٌ عَزَّها شَرَكٌ فباتَتْ. . . تُجاذِبُهُ وقد عَلِقَ الجَناحُ
يقال: عَزَّهُ يَعُزُّه بضمِّ العينِ وتقدَّم تحقيقُه في سورة يس. وقرأ طلحة وأبو حيوة «وَعَزَني» بالتخفيف. قال ابن جني: «حَذْف الزاي الواحدةِ تخفيفاً. كما قال:
٣٨٦١. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . أَحَسْنَ به فهنَّ إليه شُوْسُ
يريد: أَحْسَسْنَ»، فحذف. وتُرْوَى هذه قراءةً عن عاصم. وقرأ عبد الله والحسن وأبو وائل ومسروق والضحاك «وعازَّني» بألفٍ مع تشديد الزاي، أي: غالبني.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>