للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووجه ثانٍ وهو الذي أختاره، وهو أن المعْنَى سل أمَمَ من أَرْسَلْنَا من قبلك من رُسْلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ؟.

ويكون معنى السؤال ههنا على جهة التقرير كما قال: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) فليس يَسْاَلُهمْ ههنا عَمنْ خَلَقَهُمْ إلا على جهةِ التقرير وكذلك إذا سال جميع أمم الأنبياء لم يأتوا بأن في كتبهِمْ أن اعبدوا غيرِي.

ووجه ثالث يكون المعنى في خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - معناه مخاطبة الأمَّة، كأنَّه قال: واسألوا، والدليل على أن مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يدخل فيها خطاب الأمة

قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ).

* * *

وقوله: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (٤٩)

إن قال قائل: كيف يقولون لموسى عليه السلام يَا أَيُّهَا الساحر وهم

يزعمون أنهم مهتدون؟

فالجواب أنهم خاطبوه بما تقدم له عندهم من التسمية بالسحر، ومعنى بما عَهَدَ عنْدَك أي بما عهد عندك فيمَن آمن به مِنْ كشف العذاب عنه.

الدليل على ذلك قوله: (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ

[(٥٠)]

أي إذا هم ينقُضُون عَهْدَهُمْ.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٥١)

" مصر " ههنا يعنى بها مدينة مصر المعروفة، فمصر مذكر سُمِّيَ بهِ مؤنث

لأن المدينة الغالب عليها التأنيث، وَقدْ يَجُوزُ مَلكُ مِصْر، يذهب به إلى أن

مصر اسم لبلد، وهذا فيه بُعْدٌ من قِبَلِ أن أكثر ما يستعمل البلد لما يضم مدناً

<<  <  ج: ص:  >  >>