للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أنه يهلِكُهُمْ في الجهة

التي يقدرون الغلبة منها فقال:

(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥)

فأعلم الله عزَّ وجلَّ - نبيَّه - عليه السلام - أنه يظهره عليهم ويجعل كلمته

العلْيَا، فقال: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ).

فكانت هذه الهزيمةُ يوم بَدْرٍ (١).

* * *

ثم قال عزَّ وجلَّ: (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (٤٦)

أي لَيْسَ مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ الْقَتْلِ في يوم بدر والأسر بمخفف عنهم من

عذاب الآخرة شيئاً، فقال: (وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ).

أي أشَدُّ، وكل داهية فمعناها الأمر الشديد الذي لا يُهْتَدى لدوائه.

ومعنى (وَأَمَرُّ) أشد مَرَارَةً من القتل والأسر.

* * *

وقوله: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٤٧)

في التفسير إن هذه الآية نزلت في القَدَرِيَّةِ.

* * *

وقوله تعالى: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨)

المعنى يقال لهم: (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ).

* * *

(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)

أي كل ما خلقنا فمقدورمكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه.

ونصب " كُلَّ شَيْءٍ " بفعل مضمر، المعنى إنا خلقنا كل شيء خلقناه بِقَدَرٍ.

ويدل على هذا

(وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣)

(مُسْتَطَرٌ) مفعول من السطر، المعنى كل صَغِيرْ من الذنوب وكبير مستطر

مكتوب على فاعليه قبل أن يفعلوه، ومكتوب لهم وعليهم إذا فعلوه لِيجازَوْا

عَلَى أفعالهم.

* * *

وقوله: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ).

المعنى وُيوَلُّونَ الأدْبَارَ، كما قال: (وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ).


(١) قال السَّمين:
والعامَّةُ على «سَيُهْزَمُ» مبنياً للمفعول. «والجَمْعُ» مرفوعٌ به. وقُرِىء «ستَهْزِمُ» بفتح التاء خطاباً للرسول عليه السلام، «الجمعَ» مفعولٌ به، وأبو حيوة في روايةٍ ويعقوب «سَنَهْزِمُ» بنونِ المعظِّمِ نفسَه، و «الجمعَ» منصوبٌ أيضاً، ورُوِيَ عن أبي حيوة أيضاً وابن أبي عبلة «سَيَهْزِمُ» بياء الغَيْبة مبنياً للفاعل، «الجمعَ» منصوبٌ، أي: سَيَهْزِمُ اللهُ الجمعَ. «ويُوَلُّوْن» العامَّة على الغَيْبة. وأبو حيوة وأبو عمروٍ في روايةٍ «وتُوَلُّون» بتاء الخطاب، وهي واضحةٌ.
والدُّبُرُ هنا: اسمُ جنسٍ. وحَسُنَ هنا لوقوعِه فاصلةً بخلافِ {لَيُوَلُّنَّ الأدبار} [الحشر: ١٢]. وقال الزمشخري: «أي: الأدبار، كما قال:
٤١٦٦ كُلُوا في بَعْضِ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقُرىء» الإِدْبار «. قال الشيخ:» وليس مثل/ «بعضِ بَطْنكم» لأن الإِفراد هنا له مُحَسِّنٌ ولا مُحَسِّنٌ لإِفرادِ «بَطْنكم».
اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>