للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المازني أن تكون صفة أي نصباً.

فأجاز: يا أيها الرجُلَ أقبل، وهذه الِإجازة غير

معروفة في كلام العرب، ولم يجز أحد من النحويين هذا المذهب قبله، ولا

تابعة عليه أحد بعده - فهذا مطروح مرذول لمخالفته كلام العرب والقرآن وسائر الأخبار.

ومعنى (استعينوا بالصبر والصلاة) أي بالثبات على ما أنتم عليه.

وإن نالكم فيه مكروه في العاجل، فإِن الله مع الصابرين.

وتأويل إن اللَّه مَعَهُمْ أي يظهر دينه على سائر الأديان.

لأن من كان الله معه فهو الغالب - كما قال عزَّ وجلَّ:

(فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).

ومعنى استعينوا بالصلاة، أي أنكم إِذا صليتم تلوتم في صلاتكم ما

تعرفون به فضل ما أنتم عليه فكان ذلك لكم عوناً.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (١٥٤)

بإضمار مكنيهمْ، أي لا تقولوا هم أموات، فنهاهم اللَّهْ أن يُسَمُّوا من قتل في سبيل الله ميْتاً، وأمرهم بأن يسموهم شُهداءَ - فقال:

(بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)

فأعلمنا أن من قتل في سبيل اللَّه حي.

فإِن قال قائل: فما بالنا نرى جثة غير مُتَصرفة؟

فإِن دليل ذلك مثل ما يراه الإنسان في منامه، وجثته غير متصرفة على

قدر ما يُرى واللَّه عزَّ وجلَّ قد توفى نفسه في نومه فقال تعالى:

(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا).

وينتبه المنتبه من نومه فيدركه الانتباه وهو في بقية من ذلك، فهذا دليل أن أرواح الشهداءِ جائز أن

<<  <  ج: ص:  >  >>