للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (١٩)

أي تشققت كما قال عزَّ وجلَّ: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ)

(إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ).

* * *

وقوله: (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (٢٢)

أي يَرْصُدُ أَهلَ الكفر ومن حق عليه العذاب.

تكاد تميز من الغيظ، فلا يجاوزها من حقت عليه كلمة العذاب.

ومعنى (مَآبًا) إليها يرجعون.

* * *

وقوله: (لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣)

وَلَبِثينَ، يقال: لبث الرجل فهو لابث، ويقال: هو لبث بمكان كذا أي

صار اللبث شَأنَهُ.

والأحقاب واحدها حُقْب، والحقب ثمانون سنة، كل سنة

اثنا عشر شهراً، وكل شهر ثلاثون يوماً، وكل يوم مقداره ألف سنة من سني الدنيا، والمعنى أنهم يلبثون أحقاباً لاَ يَذُوقُون في الأحقاب برداً ولا شراباً، وهم خالدون في النار أبداً كما قال عزَّ وجلَّ: (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) (١).

* * *

ومعنى: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤)

قيل نوماً، وجائز أن يكون لَا يَذُفقُونَ فِيهَا بَرْدَ رِيح وَلاَ ظِلٍّ وَلاَ نَوْم.

* * *

(إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥)

أي لا يذوقون فيها إلَّا حميماً وهو في غاية الحرارة.


(١) قال السَّمين:
قوله: {لاَّبِثِينَ}: منصوبٌ على الحالِ من الضميرِ المستترِ في «للطَّاغِين» وهي حالٌ مقدرةٌ. وقرأ حمزةُ «لَبِثِيْنَ» دونَ ألفٍ، والباقون «لابِثين» بها. وضَعَّفَ مكيٌّ قراءةَ حمزةَ، قال: «ومَنْ قرأ» لبِثين «، شَبَّهه بما هو خِلْقَةٌ في الإِنسان نحو: حَذِر وفَرِق، وهو بعيدٌ؛ لأنَّ اللُّبْثَ ليس مِمَّا يكونُ خِلْقَةً في الإِنسان، وبابُ فَعِل إنما هو لِما يكونُ خِلْقَةً في الإِنسانِ، وليس اللُّبْثُ بخِلْقةٍ». ورَجَّح الزمخشريُّ قراءةَ حمزةَ فقال: «قُرِىءَ: لابِثين ولَبِثين. والَّلبِثُ أَقْوى»؛ لأنَّ اللابِثَ يُقال لِمَنْ وجِدَ منه الُّلبْثُ، ولا يُقال: لِبثٌ إلاَّ لمَنْ شأنُه الُّلبْثُ كالذي يَجْثُمُ بالمكانِ، لا يكاد يَنْفَكُّ منه «. قلت: وما قاله الزمخشريُّ أَصْوَبُ. وأمَّا قولُ مكيّ: الُّلبْثُ ليس خِلْقَةً فمُسَلَّمٌ؛ لكنه بُوْلِغَ في ذلك فجُعِلَ بمنزلةِ الأشياءِ الخِلْقيَّة.
قوله: {أَحْقَاباً} منصوبٌ على الظرفِ، وناصبهُ» لا بثين «، هذا هو المشهورُ. وقيل: هو منصوبٌ بقولِه» لا يَذُوقون «وهذا عند مَنْ يرى تقديمَ معمولِ ما بعد» لا «عليها، وهو أحدُ الأوجه، وقد تقدَّم هذا مستوفىً في أواخر الفاتحة. وجَوَّز الزمخشريُّ أَنْ ينتصِبَ على الحالِ، قال:» وفيه وجهٌ آخر: وهو أَنْ يكونَ مِنْ حَقِبَ عامُنا: إذا قَلَّ مطرُه وخيرُه، وحَقِبَ فلانٌ: إذا أَخْطَأَهُ الرِّزْقُ فهو حَقِبٌ، وجمعهُ أَحْقاب، فينتصِبُ حالاً عنهم بمعنى: لابثين فيها حَقِبين جَحِدين «. وقد تقدَّم الكلامُ على» الحُقُب «، وما قيل فيه في سورة الكهف.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>