للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل في قوله (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) قولان:

قال بعضهم زينها لهم إِبْلِيس، لأن اللَّه عزَّ وجلَّ قَد زَهَّد فيها وأعلم أنها متاع الغرور.

وقال بعضهم: معناه أن اللَّه عزَّ وجلَّ خلق فيها الأشياءَ المعجبة فنظر إليها الذين كفروا بأكثر من مقدارها، ودليل قول هُؤلاءِ قوله تعالى:

(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ)

وكلٌّ جائز.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا).

كان قوم من المشركين يسخرون من المسلمين لأن حالهم في ذات اليد

كانت قليلة، فأعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - بأن الذين اتقوا فوقهم يوم القيامة. لأن المسلمين في عليين والفجَّارَ في الجحيم، قال اللَّه - عزَّ وجلَّ -

(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩.

ومعنى: (واللَّهُ يَرْزقُ مَنْ يَشَاءُ بغَيْر حِسَابٍ).

أي ليس يَرْزُق المؤمنَ على قدر إيمانه ولا يَرزُقُ الكافرَ على قدر كفره.

فهذا معنى (بغير حساب) - أي ليس يحاسبه بالرزق في الدنيا على قدر العمل، ولكن الرزق في الآخرة على قدر العمل وما يتفضل اللَّه به جلَّ وعزَّ.

قوله عزَّ وجلَّ: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣)

أي على دين واحد، والأمة في اللغة أشياءُ، فمنها الأمة الدين، وهو

هذا، والأمة القَامة يقال فلان حسن الأمَّة، أي حسن القامة.

قال الشاعر:

وأن معاوية الأكرمين حِسَان الوجُوه طوال الأمَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>