للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووعد اللَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين في أهل الكتاب أنهم منصورون عليهم، وأنه لا ينالهم من أهل الكتاب اصطلام ولا غلبة فقال: (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (١١١)

أي يْؤذونكم بالبهت والتحريف، فأمَّا العاقبة فتكون للمؤمنين.

قال اللَّه - عزَّ وجلَّ -: (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (١٢). يعني به أهل الكتاب؛ وأعلمهم في هذه الآية أنهم إن قاتلوهم ولوهم الأدبار وسلبوا النصر وكذلك كان أمر إليهود.

* * *

وقوله جل وعلا: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢)

والحبل العهد. فأَعلم اللَّه أنهم بعد عزٍّ كانوا فيه يبلغون في الذلة ما لا

يبلغه أهل مكة، وكانوا ذوي منعة ويسار، فأعلم اللَّه أنهم يذلون أبداً إلا أن

يعزوا بالذمة التي يعطونها في الإسلام. وما بعد الاستثناءِ، ليس من الأول

أنهم أذلاءُ إلا أنهم يعتصمون بالعهد إذا أعطوه.

وأعلم اللَّه أنهم جعلتْ عقوبتهم هذه العقوبة الغليظة في الدنيا والآخرة

لتغليظ ما ركبوه فقال - جل وعلا: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ).

وضع ذلك رفع بالابتداءِ المعنى أمرهم ذلك وحقهم ذلك بكفرهم.

وقتلهم الأنبياءَ وأعاد ذكر ذلك ثانية فقال: (ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يعْتَدُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>