للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين الصلاة يُؤمنون بما أنزل إليْك، وهذا

عند النحويين رَدِيء، أعني العطف على الهاء والميم لأنه لا يعطف بالظاهر

المجرور على المضمر المجرور إِلا في شعْرٍ، وذهب بعضهم أن هذا وهْمٌ من

الكاتب.

وقال بعضهم: في كتاب اللَّه أشياء ستصلحها العرب بألسنتها، وهذا

القول عند أهل اللغة بعيد جداً، لأن الذين جمعوا القرآن أصحاب رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - وهم أهل اللغة وهم القدوة وهم قريبو العهد بالِإسلام فكيف يتركون في كتاب اللَّه شيئاً يصلحه غيرهم، وهم الذين أخذوه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

وجمعوه، وهذا ساقط عَمَّنْ لا يَعْلَم بَعْدَهُمْ وساقط عمن يعْلَمُ، لأنهم يُقْتَدى

بهمْ فهذا مما لا ينبغي أن يُنسب إِليهم رحمةُ الله عليهم.

والقرآن محكَم لا لحن فيه، ولا تَتكلم العرب بأجود منه في الِإعراب، كما قال عزَّ وجلَّ (تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)، وقال: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ).

ولسيبويه والخليل وجميع النحويين في هذا باب يسمونه باب المدحِ قد

بَينوا فيه صحةَ هذا وجَوْدتهَ.

وقال النحويون: إِذا قلتَ مَرَرْت بزيدِ الكريم.

وأنتَ تريد أن تخلص زيداً من غيره فالجر هو الكلام حتى يُعْرَفَ زيد الكريمُ

من زيد غير الكريمِ، وإذا أردت المدح والثناءَ فإن شئت نصبت فقلت مررت

بزيد الكريمَ كأنك قُلتَ أذكُر الكريمَ، وإن شئت قلت بزيد الكريمُ على

تقدير هو الكريم، وجاءني قومكَ المطعمينَ في المحل، والمغيثون في

الشدائد، على معنى أذكر المطعمينَ، وهم المُغيثُون في الشدَائد، وعلى هذا

الآية، لأنه لما قال: (يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) عُلمَ أَنَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>