للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي ذَهَب مَا أظْهروهُ مِنَ الإيمان، وبطل كل خيرٍ عَمِلُوه بكفرهم وصَدهِم.

عن سبيل اللَّه كما قال: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ).

المعنى ويقول الذين آمنوا في ذلك الوقت، أي في وقتٍ يظهر اللَّه

نفاقهم فيه.

* * *

وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤)

فيها من العربية ثلاثة أوجه، مَنْ يَرتدِدْ، ومن يَرْتَد بفتح الدال وَمَنْ يَرْتَد

مِنْكُم، بكسر الدال. ولا يجوز في القراءَة الكسر لأنه لم يُرْوَ أنه قرئ به.

وأمَّا (مَنْ يَرتدِدْ) فهو الأصل، لأن التضعيف إِذا سَكَنَ الثانِي من المضَعَفَيْنِ

ظَهرَ التضعيف، نحو قوله: (إِنْ يمسَسكُم قرحٌ) ولو قرئت إن يمسكم

قرح كان صواباً، ولكن لا تَقْرَأن بِهِ لمخالفتِه المصحفَ، ولأن القراءَة سُنَّة.

وقد ثبت عن نافع وأهل الشام يرتدِدْ بدالَيْنِ، وموضع يرتد جزم، والأصل كما قُلْنَا يرتدد، وأدغمت الدال الأولى في الثانية، وحركت الثانية بالفتح لالتقاءِ السَّاكنين، قال أبو عبيدٍ: إنهم كَرِهوا اجتماعَ حَرْفَيْن متحركين وأحسبه غلِطَ، لأن اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد أكثر في الكلام من أنْ يحصَى نحو شَرَرٍ وَمَددٍ، وَقِدَدٍ، وخدَدٍ، والكسر في قوله من يرتَد يجوز لالتقاءِ السَّاكنين لأنه أصل.

والفاءُ جواب للجزاءَ، أي إِن ارتد أحدٌ عن دينه، أي الذي هو الِإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>