للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن الملائكة - وإياه - أمروا بالسجود، قالوا ودليلنا على أنه أُمِرَ معهم قوله: (إِلا إبْلِيسَ أبى)، فلم يأب إلا وهو مأمور.

وهذا القول هو الذي نختاره، لأن إبليس كان من الجن كما قال عزَّ وجلَّ، والقول الآخر غير ممتنع، ويكون (كَانَ مِنَ الْجِنَ) أي كان ضالًا كما أن الجن كانوا ضالين فجعل منهم كما قال في قصته

وكان من الكافرين، فتأويلها أنه عمل عملهم فصار بعضَهم

كما قال عزَّ وجل (المُنَافِقُونَ والمُنَافِقَاتُ بعضُهم مِنْ بَعْضٍ).

وفي هذه الآية من الدلالة على تثبيت الرسالة للنبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الآية التي قبلها، والتي تليها؛ لأنه إخبار بما لَيْس من علم العرب ولا يعلمه إلا أهل الكتاب، أو نبي أوحِيَ إليه

وإبليس لم يُصْرف - لأنه اسم أعجمي

اجتمع فيه العجمة والمعرفة فمنع من الصرفِ.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥)

الرغَدُ الكثيرُ الذي لا يُعَنيك.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)).

أي إنْ عَمِلْتُمَا بأعمال الظالمين صِرْتُما منهم، ومعنى (لَأتَقْرَبا) ههنا -

لا تأكلا، ودليل ذلك قوله (وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ) أي لا تقرباها في الأكل. (ولاتقربا) جزم بالنفي.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (فَتَكُونَا ينَ الظالِمِين) نصب، لأن جواب النهي بالفاءِ نصب، ونصبه عند سيبويه - والخليل بإضمار أن، والمعنى لا يكن منكما قرب لهذه الشجرة فَكَوْنٌ مِنَ الظالمين، ويجوز أنْ يكونَ فتكونَا جزم على العطف على قوله وَلاَ تَقْرَبَا فَتَكُونَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>