للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو قادر على أن يَهْدِيَ الخلْق أجمَعين، وليس لِلعِباد على الله أن يَفْعَل بهم

كل مَا يَقْدِرُ عَليهْ، فقال عزَّ وجلَّ:

(قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩)

فحجته البالغة تَبْيينهُ أنَّهُ الواحدُ وإرْسالُه الأنبياءَ بالحجج التي يعجز عنها

المخلوقون:

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠)

زعم سيبويه أنها " ها، ضمت إليها " لُمَّ " وجَعلتا كالكلمة الواحدة.

فأكثر اللغات أن يقال هَلُمَّ للواحد والاثنين والجماعة.

بذلك جاءَ القرآن نحو قولهم: (هَلُمَّ إِلَيْنَا).

ومعنى (هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ) أي فهاتوا شهداءَكم، وقربوا شهداءَكم، ومن

العرب من يثني ويجمع ويؤَنث، فيقول للذكر هَلُمَّ، وللاثنين هلمَّا وللجماعة

هَلُمُّوا، ْ وللمرأَة هَلُمِّي وللاثنتين هلمَّا، وللنسوة هَلْمُمْنَ.

وفتحت الميم، لأنها مُدْغمة كما فتحت رُدَّ في الأمر لالتقاءِ السَّاكنين.

ولا يجوز هَلُم إلينا للواحد بالضم. كما يجوز في رُد الفتح؛ والضم والكسر، لأنها لا تتصرف.

وقوله: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١)

(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ)

فَـ " مَا " في مَوْصع نصب إِنْ شِئْتَ بـ (أَتْلُ).

والمعنى تعالوا أتْلُ الذي حرَّمَ ربكم عليكم، وجائز أن تكون " ما " منصوبة بـ (حَرَّم) لأن التلاوة بمنزلة القول.

كأنه قال: أقول أي شيءٍ حرَّم ربكم عليكم، أهذا أم هذا، فجائز أن يكون

الذي تَلاهُ عَلَيْهم قَوْله: (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا).

ويكوِن (أَلَّا تُشْرِكُوا) منصوبة بمعنى طرح اللام أي: أبين لكم الحرامَ لئلاً تُشْرِكُوا بِه شَيْئاً، لأنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>