للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ).

جائز أن يكون (فَكَثَّرَكُمْ) جعلكم أغنياءَ بعد أن كنتم فقراءَ، وجائز أن

يكون كان عددهم قليلاً فكثرهم، وجائز أن يكونوا غير ذوي مقدرة وأقدار

فكثرهم، إلا أنه ذكرهم بنعمة الله عليهم كما قال: (فاذكروا آلاءَ اللَّهِ)

أي نعم اللَّهِ.

* * *

وقوله: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (٨٨)

المعنى: ليكونن أحدُ الأمْرَين، ولا تُقارُّ على مخالفتنا.

وقوله: (قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ).

أي أتعيدوننا في ملتكم وإن كرهناها.

فإِن قال قائل: كيف قالوا لشُعَيب: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا، وشعيب نَبِيٌّ؟

ففيه قولان:

أحدهما: لما أشرَكُوا الذين كانوا على مِلَّتهم قالوا: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا. وجائز أنْ يقال: قد عَادَ عليَّ من فلان مكروه، وإن لم يكن سبقه

مكروه قبل ذلك وإنما تأويله إنَّه قد لحقني منه مكروه.

وقوله: (قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (٨٩)

(وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ).

اختلف الناس في تأويل هذا، فأولى التأويلات باللفْظ أن يكون:

(وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)

لأنه لا يكون غير ما يشاءَ اللَّه.

وهذا مذهب أهل السنة.

قال اللَّه عزْ وجل: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ).

والمشيئة في اللغة بيِّنة لا تحتاج إِلى تأويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>