للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالمعنى: ما يكون لنا أن نعود فيها إِلا أن يكون الله عزَّ وجلَّ قد سبق

في علمه ومشيئته أنا نعود فيها.

وتصديق ذلك قوله: (وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا).

ثم قال (عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا).

وفي موضع آخر: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ).

وقال قوم: (وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا)

أي فاللَّه لا يشاءُ الكفر، قالوا: هذا مثل قولك: لَا أكلِّمك حتى يبيضَّ الفار وَيشيبَ الغُرابُ، والفارُ لا يبيض، والغراب لا يشيب.

قالوا فكذلك تأويل الآية.

قال أبو إسحاق: وهذا خطأ لمخالفته أكثر من ألف موضع في القرآن

لا تحتمل تأويلين، ولا يحدث شيءٌ إِلا بمشيئته وعن علمه.

إِما أن يكونَ عَلِمَهُ حادثاً فشاءَه حادثاً، أو عَلِمَهُ غيرَ حادثٍ فشاءَه غيرَ حادث.

ولا يجوز لما مكنَ الخلق من التصرف أن يُحدثَ الممتنعَ موجوداً، ولا يكون ما علمه أنَّه يُوجَدُ ممتنعاً.

وسنةُ الرَسول عليه السلام تشهد بذلك ولكن اللَّه تبارك وتعالى

غيب عن الخلق علمه فيهم، ومشيئته من أعمالهم فأمرهم ونهاهم.

لأن الحجة إِنما تثبت من جهة الأمر والنهي، وكل ذلك جائز على ما سبق في

العلم وجرت به المشيئة، قال الله تعالى: (وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا). . الآية.

فسقوط الورقة منسوب إِليها وهو خلقه فيها كما خلقها، وكذلك إِلى آخر

الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>