للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى:

{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} الآية: (٢٧) - سورة البقرة.

النقض: فسخ المبرم، وأصله في طاقات الحبل، والنكث: مثله، لكنه يقال في المتبلد كالأكسية، والأخبية، والعهد: كل أمرٍ شأنه أن يراعي كاليمين، والمشاركة، والمبايعة، ويقال العهد للدار المراعاة بالرجوع إليها، والتاريخ المراعي، وللمطر المتعهد، والميثاق: اسم لما يقع به الوثاقة، والعهد المأمور بحفظه ضربان: عهد مأخوذ بالعقل، وعهد مأخوذ بالرسل، والمأخوذ بالرسل مبني على المأخوذ بالعقل، ولا يصح إلا بعده أو معه، وقد حملت الآية عليهما، وذلك هو المذكور في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآية، وفي قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} وقد عظم الله تعالى أمر العهد وتوعد على الإخلال به في أي كثيرة، كقوله: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} وقوله {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} الآية وقال: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} وأما ذمهم بقطع ما أمر الله به أن يوصل، فذم بقطع الخيرات وتعاطي السيئات، وذلك أن التقاطع بين الناس يحصل من رفض المحبة والعداية ورفضهما سبب كل فساد، فإن القوم إذا أحبوا وعدلوا تواصلوا، وإذا تواصلوا تعاونوا، وإذا تعاونوا عمروا وإذا عمروا عمروا وأمروا وبالعكس إذا تباغضوا وظلموا تدابروا وإذا تدابروا تخاذلوا وإذا تخاذلوا، لم يعمل بعضهم لبعض

<<  <  ج: ص:  >  >>