للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله - عز وجل -:

{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}

الآية (١١٦) - سورة البقرة.

القنوت: لزوم الطاعة مع الخضوع، ولما كان لهما فسر بكل واحد منهما، فقيل في قوله: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} أي خاضعين، وقيل طائعين، ولما كان من تمام القنوت القيام والسكون ما لم يكن أمر بخلافه واستعمل فيهما، فقيل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قيل له: أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت " أي القيام، ولما ادعى النصارى في المسيح واليهود في عزير أنهما أبناء الله، ومشركوا العرب في الملائكة أنهم بنات الله تقدس ألفه تعالى عن ذلك، نبه على أقوى حجة على نفي ذلك وبيانها هو أن

لكل موجود في العالم مخلوقاً طبيعياً أو معمولاً صناعياً عرضاَ وكمالاً أوجد لأجله، وإن كان قد يصلح لغيره على سبيل العرض كاليد للبطش، والرجل للمشي، والسكين لقطع مخصوص، والمنشار للنشر وإن كان اليد قد يصلح للمشي في حال، والرجل للتناول، لكن ليس على التمام، والغرض في الولد للإنسان إنما هو لأن يبقى به نوعه، وجزء منه لا لم يجعل الله له سبيلاً إلى بقائه بشخصه، فجعل له بذراً لحفظ نوعه، ويقوي دلك أنه لم يجعل الشمس والقمر وسائر الأجرام السماوية بذراً، واستخلافاً لما لم يجعل لها فناء النبات والحيوان، ولما كان الله تعالى هو الباقي الدائم بلا ابتداء ولا انتهاء، لم يكن لاتخاذه الولد لنفسه معنى، ولهذا قال سبحانه أن يكون له ولد، أي هو منزه عن السبب المقتضي للولد، ثم لما كان اقتناء الولد لفقر ما، ودلك لما تقدم أن الإنسان افتقر إلى نسل يخلفه لكونه غير كامل في نفسه، بين تعالى بقوله {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أنه لا يتوهم له فقر فيه فيحتاج إلى اتخاذ

<<  <  ج: ص:  >  >>