للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإضاعة والإهمال، وعلى ذلك قال {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، ولكون هذه الشريعة وسطاً

سمى مقتضاهما كلمة (سواء) أي عدلاً باتفاق العقول فقال: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} الآية ..

إن قيل: هل ذلك للأمة كلهم أم للبعض دون البعض؟ قيل: الخطاب لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة على وجه، وهو خطاب للكافة عامة على وجه، وذلك أن أصحابه في الحقيقة صاروا موجودين خير الناس، وسائر أمته ممكنون أن يصيروا أخيارا وذلك بقبولهم الفيض الذي أباحه الله لهم بعقولهم ولسان نبيهم وتدرجهم إلى بلوغ أقاصيه ..

،

إن قيل: على أي وجه شهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - علي الأمة وشهادة الأمة على الناس؟ قيل: الشاهد هو العالم بالشيء المخبر عنه مبينا، حكمه، وأعظم شاهد من ثبتت شهادته بحجة، ولما خص الله تعالى الإنسان بالعقل والتمييز بين الخير والشر وكمله ببعثة الأنبياء، وخص هذه الأمة بأتم كتاب، كما وصفه بقوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} وقوله: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}، فأفادناه- عليه السلام- وبينه لنا صار حجة وشاهداً أن نقول ما جاءنا من بشير ولا نذير، وجعل أمته المتخصصة بمعرفته شهودا على سائر الناس ...

إن قيل: هل أمته شهود كلهم؟ أم بعضهم؟

قيل: كلهم ممكنون من أن يكونوا شهداء وذلك بشريطة أن يزكوا أنفسهم بالعلم والعمل الصالح، فمن لم يزك نفسه لم ليكن شاهداً مقبولاً، ولذلك قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}، وعلى هذا قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}، فالقيام بالقسط

<<  <  ج: ص:  >  >>